أزمة خطيرة تهدد صادرات الصناعات المعدنية
إشكالية جديدة، يواجهها قطاع الصناعات المعدنية، وذلك بعد بدء الاتحاد الأوروبي تطبيق ضريبة الكربون على البضائع المستوردة بشكل انتقالي بدءًا من أكتوبر الماضي، استعدادًا لدخولها حيز التنفيذ بشكل كامل في 2026.
ويشمل هذا القرار قطاعات الحديد والأسمنت والأسمدة والألمنيوم وإنتاج الكهرباء، كجزء من استراتيجية أوسع لإزالة الكربون للتكتل، وهذا البرنامج سيطبق في مطلع عام 2026، الأمر الذي يهدد صادرات مصر للاتحاد الأوروبي في هذه الصناعات.
وشغل هذا القرار، خلال الفترة الأخيرة، اهتمام بعض الخبراء ومجلس النواب، الذين طالبوا الحكومة بضرورة اتخاذ خطوات فعلية للاستعداد والتعامل مع حدود الكربون الجديدة.
وتعد ضريبة الكربون إجراءً عقابيًا مقابل التلوث، إذ ستجبر الشركات المصدّرة على دفعها مقابل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المفرطة، وتُفرض الضريبة عادة على كل طن من الانبعاثات الصادرة عن الأعمال التي تحرق الوقود الذي يحتوي على الكربون، بما في ذلك الفحم والنفط والبنزين والغاز الطبيعي.
ويعد الاتحاد الأوروبي شريكا تجاريا رئيسيا لمصر، وهو أكبر سوق خارجي لقطاع الأسمدة المحلي والصناعات المعدنية.
وبحسب الأرقام المعلنة، ففي عام 2021، اتجهت 60% من صادرات الأسمدة المصرية عبر البحر المتوسط إلى دول الاتحاد الأوروبي، وتضاعفت الكميات وفقا للأرقام الصادرة عن المجلس التصديري لمواد البناء والحراريات والصناعات المعدنية ثلاث مرات على أساس سنوي في الأشهر العشرة الأولى من عام 2022 على خلفية عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على روسيا.
كما ذهب ثلثا صادرات مصر من الألومنيوم، وأكثر من 60% من صادراتها من الحديد والصلب إلى أوروبا العام الماضي.
بدوره، قال المهندس وائل النشار، خبير الطاقة الشمسية، إن هذا القرار يعد من ضمن التحذيرات التي تحدثنا فيها منذ سنوات، خاصة أن مصر من الدول التي لا تحدث تأثيرًا كبيرًا في التغير المناخي، فنحن نمثل أقل من 1% وترتيبنا رقم 27 في قائمة الدول التي تحتل مراكزها الأولى الدول الصناعية الولايات المتحدة والصين.
وأضاف، أننا قد نكون جزءا من الحل بإدخال مشروعات محطات توليد الطاقة الشمسية، والرياح، على غرار أوروبا وأمريكا، وبالتالي يمكن جذب استثمارات لعمل محطات من الطاقة المتجددة، وبالتالي تصديرها.
وأشار إلى أن ذلك يحتاج لوجود خطة واضحة، فنحن في عام 2014 بدأنا برنامج على أساسه تم عمل بنبان وهي تمثل أكبر محطة طاقة شمسية في إفريقيا، ولكنها لا تمثل أكثر من 1% من الإنتاج وبعد إضافة طاقة الرياح والسد العالي والمصادر المائية، فإنها لا تتعدى نسبة الـ10%، وحتى نصل للمستهدف في 2035 وهو 42% نحتاج للخطة وتطوير للشبكات والنقل، يضاف عليها لو هناك طاقة متجددة لدينا معناها أن المنتجات ستأخذ منها الشهادة الخضراء.
وتابع: «قرارات الاتحاد الأوروبي ليست جديدة»، متابعًا: «ليه صاحيين دلوقتي؟، لماذا ظهرت المخاوف الآن؟، خاصة أن القرارات معلنة منذ سنوات طويلة».
من جانبه، قال الدكتور صلاح عرفة، أستاذ الفيزياء وخبير الطاقة الشمسية، إن كل العالم سيخضع لهذه الشروط وليس مصر فقط، مشيرًا إلى أن الجزء الأهم هو الوعي العام بأهمية الطاقة النظيفة، بداية من الحكومة وحتى المواطنين، عبر إتاحة الدور أمام المجتمع المدنى بجانب القطاع الحكومي والخاص.
وأضاف، أن ثاني أكسيد الكربون من المواد التي تؤثر بشكل كبير في التغيرات لذلك فإن الاتحاد الأوروبي متشدد بشأنها، مشيرا إلى أن مصر قادرة بالوعي، والتدريب على هذه الخطة.
ولفت إلى أن دور الحكومة يتمثل في دعم ومساندة المخترعين في هذه الصناعة.
بدوره، قال المهندس محمد الدين المنزلاوي، عضو غرفة الصناعات الهندسية، ورئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال، إن حدود الكربون تفرض على القائمين في هذه الصناعة العمل على مشروعات تحسين الطاقة حتى يتم تقليل الانبعاثات والحفاظ على حدود الكربون.
وأضاف، ، أن صادرات مصر في هذه الصناعة تتجاوز قيمة الـ32 مليار جنيه.
من ناحيته، حذّر رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية، شريف الجبلي، من أزمة محتملة لصادرات الأسمدة المصرية، خلال الفترة المقبلة، بالتزامن مع التوسع العالمي لتطبيق ضرائب الكربون؛ للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وقال «الجبلي»، في تصريحات صحفية، إن غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية (التي تضم مصنعي الأسمدة العاملين في السوق المحلية)، خاطبت البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لمناشدة لجنة البيئة في الاتحاد الأوروبي وبعض الجهات ذات الشأن في عدد من الدول الأوروبية، لمد مهلة تطبيق ضريبة الكربون على الشركات المصرية حتى تتمكن الشركات من توفيق أوضاعها مع الاشتراطات البيئية المطلوبة.
وأشار «الجبلي»، إلى أن غرفة الصناعات الكيماوية تعتزم مخاطبة الحكومة المصرية للتدخل في الأمر ومخاطبة الحكومات الأوروبية لمد تطبيق ضريبة الكربون، خاصة أن الضريبة الكربونية التي ستفرضها أوروبا على الشركات غير المتوافقة مع الاشتراطات ستؤثر بشكل كبير على تنافسية الأسمدة المصرية في الأسواق العالمية، وهو الأمر الذي سيكون له أثر بالغ على عوائد الصادرات الدولارية.
وتابع: «تحتاج شركات الأسمدة المصرية فترة تتراوح بين 3 أو 4 سنوات على الأقل لتوفيق الأوضاع البيئية، بجانب استثمارات كبيرة لتطوير المشروعات بما يمكنها من خفض الانبعاثات».
وتوقع «الجبلي»، تراجع صادرات الأسمدة المصرية 20%، خلال العام الحالي، مشيرًا إلى أن الزيادة الكبيرة في صادرات الأسمدة العام الماضي كانت «استثنائية»، مرجحًا استمرار التراجع في الصادرات مع التوسع في تطبيق ضريبة الكربون عالميًا.