بالمستندات

بالمستندات.. البيزنس المشبوه لحيتان الكهرباء فى قاعات الأفراح والدورات الرياضية والفنادق

بالرغم من جهود الدولة في مكافحة الفساد والقضاء عليه بكافة الجهات والوزارات الحكومية، إلا أن تلك الجهود لم تؤت ثمارها في قطاع عريق مثل قطاع الكهرباء في ظل عمليات الفساد التي يقودها كبار الموظفين بشركات القطاع تحت سمع وبصر الشركة القابضة لكهرباء مصر باعتبارها الشركة الأم التي تحتضن جميع شركات القطاع.

ومما يثير الدهشة، أن الفساد في قطاع الكهرباء قد أخذ شكلًا ولونًا مختلفًا عن الفساد المتعارف عليه، حيث جاء في صورة الاستحواذ على قطع أراض تابعة لشركات الكهرباء، وتحويلها لأعمال بيزنس وأنشطة تجارية في صورة قاعات أفراح تدر دخلًا يوميًا بآلاف الجنيهات لصالح كبار موظفي الكهرباء، بالإضافة إلى صورة أخرى من صور الفساد المتعلق بالدورات الرياضية التي تقام بين شركات القطاع تحت شعار «الدورات الرمضانية» والتي يبتلع فيها حيتان الكهرباء آلاف الجنيهات من المال العام، حسب تقارير ومستندات حصلت «النبأ» على نسخة منها.

كشفت المستندات في بدايتها، عن قيام  لمهندس حمدي ضرغام رئيس مجلس إدارة شركة وسط الدلتا لإنتاج الكهرباء، بعمل عقد إيجار لمساحة 8 آلاف متر بمدينة طلخا بمحافظة الدقهلية، لصالح «نادي كهرباء طلخا» المشهر بمديرية الشباب بالدقهلية تحت اسم «النادي الرياضي لموظفي وعمال محطة طلخا الكهربائية» والذي يرأس مجلس إدارته الكيمائي أحمد صالح، وذلك نظير إيجار سنوي قيمته 12 ألف جنيه، وهو ما يعني أن قيمة الإيجار ألف جنيه شهريًا، الأمر الذي أثار غضب العاملين داخل الشركة، ووصفوه بأنه كارثة حقيقية تمثل إهدارًا للمال العام؛ نظرًا لتدني القيمة الإيجارية التي لا تتناسب مطلقًا مع تلك المساحة الشاسعة من الأراضي وما عليها من مبان والواقعة بموقع متميز بمدينة طلخا بالدقهلية.

وأشارت المستندات، إلى مفاجئة أخرى وهي أن قيمة التعاقد شملت الكهرباء والمياه واستغلال أتوبيسات الشركة وسكن اللاعبين وملعب كرة القدم الخاص بالشركة، مما يعني أن الإيجار الشهري المقدر بمبلغ ألف جنيه يشمل استخدامات الكهرباء والمياه واستخدام أتوبيسات الشركة، الأمر الذي يثير علامات استفهام كبيرة حول هذا التعاقد في ظل التكلفة الكبيرة لفواتير المياه والكهرباء وتكلفة الأتوبيسات من السولار وغيار الزيت ومأمورية السائقين، على نحو يمكن القول بأنه يمثل تعمدًا مقصودًا لإهدار المال العام وبشكل علني.

كما لفتت المستندات، إلى قنبلة من العيار الثقيل وهي أن رئيس نادي كهرباء طلخا أحمد مصطفى، قام بتأجير تلك المساحة وعمل عقود من الباطن مع «سعيد.خ» الذي قام ببناء قاعتي أفراح يتم تأجير القاعة الواحدة بأكثر من 50 ألف جنيه في الليلة الواحدة، بالإضافة إلى عمل 3 قاعات أفراح أخرى يتم تأجيرهم لـ«محمد.ع» العامل بشركة شمال الدلتا لتوزيع الكهرباء، بالإضافة إلى عمل بوفيه على النيل.

وأظهرت المستندات فضيحة كبرى، وهي أن التعاقد تضمن بندا ينص على أنه في حال قيام نادي كهرباء طلخا بتأجير أي جزء من الأرض، فإن الطرف الآخر وهو شركة وسط الدلتا لإنتاج الكهرباء تحصل على نسبة 20% من صافي قيمة العملية، يحصلها مندوب الشركة، لكن المفاجأة أن الشركة لم يصلها أي مبالغ مالية من هذه النسبة، الأمر الذي يمثل إهدارًا وضياعًا للمال العام.

وفي سياق آخر، تطرقت المستندات إلى مخالفات حيتان الكهرباء المتعلقة بالدورات الرياضية التي تقام بين الفرق الرياضية لشركات الكهرباء، حيث كشف تقرير لجنة التحقيق المشكلة بالقرار رقم (266) لسنة 2023 الصادر من رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لكهرباء مصر، والمعتمدة بتاريخ 19/10/2023، والمرسلة لشركة وسط الدلتا لإنتاج الكهرباء برقم (4425) بتاريخ 22/10/2023، عن مخالفات مالية لعدد من الموظفين بشركة وسط الدلتا لإنتاج الكهرباء بشأن الدورة الرمضانية التي أقامتها الشركة، خلال الفترة من 9/4/2022 حتى 16/4/2022، حيث قام كل من (محمد صلاح الدين مستشار مالي، ومحمد أشرف مستشار مالي، وأسامة محمود كبير محاسبين)، بالخروج على مقتضى الواجب الوظيفي وإساءة التصرف في أموال اشتراكات الشركات المشاركة في أعمال الدورة الرمضانية.

وأوضح تقرير لجنة التحقيق، أن تلك المخالفات تضمنت مخالفة لائحة العقود والمشتريات المعمول بها في الشركة القابضة لكهرباء مصر وشركاتها التابعة، وذلك بعدم مراعاة الإجراءات الواجبة في عمليات الشراء، واعتماد أوامر الإسناد من لجنة البت بالنسبة لعملية التعاقد مع فنادق الإقامة وشراء الملابس والمستلزمات الرياضية، وتنظيم الحفل الختامي للدورة الرمضانية، وعدم تحصيل تأمين مؤقت عن التعاقد لتوفير إقامة وإعاشة الفرق الرياضية المشاركة، وكذلك تنظيم الحفل النهائي لغياب التخطيط والتنظيم المسبق.

وأكد التقرير، أن المذكورين قاموا باصطناع عقد تكميلي بتاريخ 28/2/2022 يمثل تعديلًا للعقد الأصلي، بالمخالفة لمحضر المفاوضة المحرر بتاريخ 26/2/2022، مما ترتب عليه منح فندقي «الهوم وعمر الخيام» أكثر مما كان يستحق كل منهما.

وأشار التقرير، إلى تورط المذكورين في التلاعب وإدخال الغش بشأن إسكان وإعاشة الفرق الرياضية، وتعمد إظهار أعداد الفرق المشاركة والمنظمين والضيوف والسائقين وتوزيعهم على فندقي «الهوم وعمر الخيام» على نحو مخالف للحقيقة؛ لتعظيم القيم المالية المنصرفة، هذا بخلاف حقيقة القيم المنصرفة وفقًا للأعداد الحقيقية، للاستفادة من فارق السعر بين الإقامة في فندق «الهوم» البالغ قيمته 450 جنيهًا، وفندق «عمر الخيام» البالغ قيمته 600 جنيه.

ولفت التقرير، إلى أنه تبيّن إثبات إسكان فريق شركة «الماكو» بفندق «عمر الخيام» رغم ثبوت اعتذار الشركة عن الاشتراك في أعمال تلك الدورة، فضلًا عن إظهار أعداد فريقي نهائي الدورة الرمضانية بفندق «المارشال» بشكل مخالف لحقيقة الواقع، وكذلك تعمد إضافة تكلفة إقامة اللجنة المكلفة للمرور على محطات الشركة على أعمال تلك الدورة رغم عدم ارتباطها بأعمال الدورة، بخلاف إظهار قيمة مقابل التحكيم في مباريات الدورة على نحو مخالف لحقيقة الواقع.

واعترف المهندس حمدي ضرغام، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة  وسط الدلتا لإنتاج الكهرباء، بمخالفات الدورة الرمضانية، حسب القرار رقم (950) الصادر بتاريخ 28/10/2023، والذي تضمن 5 أسماء من المتورطين هم (محمد صلاح مستشار مالي، ومحمد أشرف مستشار مالي، وأحمد فؤاد مستشار كيميائي، وأسامة محمود كبير محاسبين، وإبراهيم أبو زيد كبير محاسبين)، والذين تم تحميلهم أكثر من 643 ألف جنيه بالتضامن في ما بينهم، لكن الغريب أنه لم يتم تحويل المذكورين للنيابة العامة، رغم ثبوت المخالفات والاعتراف بها في تقارير ومذكرات رسمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى