بالمستندات.. تورط مجموعة جديدة بوزارة التموين فى مخالفات بالملايين
بعد سقوط مستشار الوزير للرقابة والتوزيع ومعه 8 آخرين..
ما زالت الأجهزة الرقابية توجه ضرباتها نحو وزارة التموين كاشفة عن رؤوس الفساد المنتشرة داخل القطاعات المختلفة التابعة للوزارة، خاصة بعد تورط مستشار الوزير للرقابة والتوزيع ومعه 8 آخرين في تكوين تشكيل عصابي تخصص في حجب السلع واحتكارها ورفع الأسعار والاستيلاء على المال العام، وإحداث بلبلة في الشارع المصري بسبب النقص الحاد في السلع المحتكرة، وعلى رأسها السكر الذي لا يستطيع المواطن المصري الاستغناء عنه والذي تجاوز سعره 50 جنيهًا للكيلو وقت الأزمة.
وزادت قبضة الأجهزة الرقابية على وزارة التموين، بعدما سقطت مجموعة أخرى من رؤوس الفساد من أصحاب منافذ مشروع جمعيتي بمحافظة القاهرة، ومسؤول مشروع جمعيتي بشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية، وعدد من المحاسبين وكذلك العضو المنتدب المالي بالشركة؛ بسبب قيامهم بالتلاعب في مستندات وأذون صرف السلع لبعض منافذ جمعيتي بمحافظة القاهرة.
نكشف واقعة فساد جديدة داخل وزارة التموين، تتعلق بالتلاعب في كميات الأقماح والدقيق بمطاحن ومخابز شمال القاهرة، والتي نتج عنها إهدار ملايين الجنيهات من المال العام وابتلاعها في بطون «الحيتان» الذين لا يشبعون من نهب السلع التموينية وجني ملايين الجنيهات من المال العام، -حسب تقرير رقابي صادر في هذا الشأن-.
في البداية، قال التقرير الرقابي الصادر بتاريخ 13-9-2023 -والذي حصلت «النبأ» على نسخة منه- إن إدارة مراقبة المطاحن والمضارب بالجهاز المركزي للمحاسبات لم تستطع التحقق من كمية الأقماح ملك الهيئة العامة للسلع التموينية المخزنة بالصوامع والشون المختلفة التابعة لمطاحن ومخابز شمال القاهرة، والبالغ كميتها 88.6 ألف طن دفتريًا تقدر قيمتها وفقًا لأسعار المحاسبة مع هيئة السلع بنحو 489.7 مليون جنيه.
وأضاف التقرير الرقابي، أن سبب عدم التحقق من وجود كمية أقماح السلع التموينية بمطاحن ومخابز شمال القاهرة يرجع إلى عدم إجراء تصفية صفرية لتلك الصوامع في 30/6/2023، خاصة في ظل الاعتماد في تسجيل المنصرف للمطاحن للأقماح 87.5% الواردة من الصوامع والبناكر بحسابات المخازن بإدارة الأقماح على بيانات الإنتاج وليس أذون الإضافة والصرف لتأكيد صحة الحركة.
وأشار التقرير، إلى أنه تبيّن -أيضًا- إثبات رصيد مخزون الخامات الرئيسية من الأقماح 72% ملك شركة مطاحن ومخابز شمال القاهرة بنحو 4990 طنا دفتريًا لعدم إجراء التصفية الصفرية للصوامع، بتكلفة بلغت نحو 56.490 مليون جنيه، وتبيّن عدم وجود دفاتر مخزنية توضح قيمة المنصرف يوميًا من الأقماح 72%، حيث يتم الاكتفاء بالتسجيل في الدفتر بالكميات فقط، الأمر الذي أدى إلى عدم التحقق من صحة تسعير المنصرف من الأقماح.
وأكد التقرير الرقابي، أن الجهاز المركزي للمحاسبات طالب بوضع برامج تصفية صفرية لتلك الأقماح وإخطاره بها للتحقق من صحة أرصدتها ومطابقتها مع الأرصدة الدفترية، وما يترتب على ذلك من انحرافات، ومراعاة أثر ذلك على الحسابات المختصة، مع ضرورة إدراج القيمة المنصرفة يوميًا بالدفاتر حتى يتم التمكن من المتابعة والحكم على صحة التسعير.
وذكر التقرير، اعتماد مطاحن ومخابز شمال القاهرة على الجرد فقط لتقدير الكميات غير المستخدمة للدقيق المحول (لصناعة المكرونة والمخبوزات وللتشغيل لدى الغير)، بالرغم من ارتفاع قيمة الخامات المستخدمة نتيجة عدم وجود حركة مخزنية، حيث يتم صرف الكمية بالكامل على المنصرف واستبعاد الباقي في نهاية العام بالجرد، وهو الأمر الذي يؤدي لعدم الحكم على كفاءة التشغيل وصحة المنصرف.
ولفت التقرير، إلى عدم وجود دفاتر مخزنية بإدارة حسابات المخازن لمخزن الإنتاج التام، لمتابعة الحركة وإحكام الرقابة على الوارد والمنصرف منه، اكتفاءً بيومية الإنتاج المعدة يوميًا بمعرفة قطاع الإنتاج تقديريًا والتي توضح بها حركة المنتجات، مما يضعف الرقابة على الحركة بالرغم من ارتفاع قيمة الإنتاج التام، هذا فضلًا عما تبين من عدم قيام مطاحن ومخابز شمال القاهرة بإمساك دفاتر الجرد بالمخالفة لأحكام قانون التجارة رقم (17) لسنة 1999 بالمواد أرقام (21، 23، 25).
وأظهر التقرير الرقابي، وجود نحو مبلغ 656.853 جنيهًا باسم (سيد شعبان) قيمة عجز كمية 95.11 طن قمح محلي في بنكر الهدى، وهو ما تكشف عند قيام إدارة تموين حي غرب شبرا الخيمة بإجراء تصفية صفرية للبنكر المذكور، وتم عمل محضر بكمية العجز بمعرفة لجنة من مديرية تموين القليوبية وإدارة تموين حي غرب شبرا الخيمة، واللجنة المشكلة لإجراء التصفية، والموضوع قيد التحقيق بالنيابة العامة.
وكشف التقرير الرقابي، عن وجود مبلغ 9.088 مليون جنيه تحت مسمى حافز توريد القمح المحلي تم إثباتها إجمالي دون تحليل للمستفيدين، بواقع 100 جنيه لكل طن مورد، ولم يتم موافاة الجهاز المركزي للمحاسبات بما يؤيد ذلك من السلطة المختصة، كما تبيّن وجود 4 ملايين جنيه من قيمة مبالغ وعمولات محصلة لصالح بعض الجهات (صندوق دعم وتحسين الخدمة التموينية، رسوم رقابة تجارية، نقابة مهن زراعية) ولم يتم سدادها.
وبحسب التقرير الرقابي، تبيّن تعلية حساب مصروفات مستحقة السداد بمطاحن ومخابز شمال القاهرة بنحو 25 مليون جنيه مقابل تحميل الأجور النقدية بالمبلغ تتمثل في قيمة مكافأة للعاملين عن أرباح العام المالي المنتهي في 30-6-2023، بخلاف 4.562 مليون جنيه قيمة التأمينات الاجتماعية الخاصة بها دون العرض على الجمعية العامة لشركة مطاحن ومخابز شمال القاهرة بشأن مكافأة الأرباح، ويتصل بذلك قيام مجلس إدارة الشركة بإقرار 10.175 مليون جنيه للعملين تحمل على مصرفات العام المالي السابق، وقامت الشركة بتحميل المبلغ على الخسائر المرحلة رغم صرفه للعاملين مما أثر على حقوق الملكية.
وطبقًا للتقرير، بلغت قيمة مخلفات الإنتاج الظاهرة بقائمة الدخل، ضمن إيرادات النشاط مبلغ 55.4 مليون جنيه بزيادة قدرها 37 مليون جنيه عن العام السابق والبالغ نحو 18.4 مليون جنيه، وبالمراجعة تبيّن أن الفروق بين الكميات المطحونة من الأقماح بالشركة 24 قيراطا ومختلف الدرجات والتي تتمثل في مخلفات الطن الواجبة عن الفترة من 1-7-2022 حتى 30-6-2023 نحو 16.1 ألف طن، بينما بلغت مخلفات الطحن المبالغة خلال نفس المدة نحو 16.9 طن بزيادة نحو 800 طن، ولا يوجد دورة مستندية ومخزنية يثبت من خلالها الوارد والمنصرف من تلك المخلفات، الأمر الذي يشير إلى وجود خلل في إجراءات الرقابة الداخلية؛ مما يؤدي إلى صعوبة الحكم على صحة الإيراد.
ووفقًا للتقرير، تبيّن وجود العديد من الطاقات غير المستغلة التي تبلغ قيمتها الدفترية نحو 11.519 مليون جنيه منها مطحني عامر ومسعود المتوقفين عن العمل وأرض فضاء بمدينة نصر، كما تبيّن وجود أرصدة متوقفة بقيمة 388.2 ألف جنيه لدى «حسن عرابي، وسعيد نصار»، وكذلك وجود نحو 2 مليون جنيه أرصدة مدينة على بعض العملاء «مضارب رشيد، مطاحن، ومخابز إسكندرية، هايبر الشرقية، بون سوارية» لم يتم تحصيلها، بالإضافة إلى وجود 2.9 مليون جنيه مديونية مستأجري وحدات شركة مطاحن ومخابز شمال القاهرة «أباظة جروب، مصطفى كامل- عمرو جمال- إيمان محمود»، إلى جانب وجود 1.611 مليون جنيه مديونيات متوقفة على بعض العاملين «طه عبدالحميد، طارق رأفت»، وكذلك وجود مبلغ 178 ألف جنيه مديونية مستحقة على شركة المستحضرات الطبية نتيجة التنازل بالبيع عن مطحن خطاب بالمطرية والمتبقية لحين إنهاء الشركة لإجراءات البيع والتسجيل بالشهر العقاري والتي لم يتم الانتهاء منها حتى تاريخه.
وبحسب التقرير، فقد أسفر فحص الآثار البيئية وسلبياتها لدى مطاحن شمال القاهرة عن مخالفة الإجراءات والشروط اللازمة للحفاظ على البيئة، مما نتج عنه وجود بعض أوجه القصور في أعمال ومتطلبات السلامة والصحة المهنية بالمطاحن، منها عدم تضمين نظام التكاليف البيئية المطبق بالمطاحن، وكذلك عدم وجود حوائط خراسانية وستائر هوائية على نقر استقبال الأقماح بمعظم المطاحن؛ لمنع تصاعد الأتربة حال تفريغ الأقماح على النقرة، خاصة في ظل وجود بعض المطاحن بالقرب من الكتلة السكنية؛ مما قد يعرض تلك المطاحن لمخالفات بيئية نتيجة لذلك، ومن القصور أيضًا عدم التزام العاملين بالمطاحن بارتداء الكمامات الواقية ضد الأتربة وسماعات الأذن وكذلك عدم ارتداء الملابس المخصصة أثناء العمل.
وأوضح التقرير الرقابي وجود بعض أوجه القصور في الرقابة الداخلية وأساليب التخزين المتبعة، منها عدم وجود مخازن فرعية بالمطاحن لكل من الخامات (الأقماح) والمنتجات (الدقيق- زوائد) والاعتماد على منصرف بوابة المطحن لإثبات منصرف المنتجات، ومنها أيضًا عدم وجود أمين مخزن لكل من الخامات (الأقماح) والمنتجات (دقيق- زوائد)، إضافة إلى عدم إمساك دفاتر وسجلات لإثبات حركة الدورة المستندية (أذن إضافة وصرف- سجل عهدة) للمخزون والخامات والإنتاج التام والاعتماد على منصرف بوابة المطحن لإثبات منصرف المنتجات وتحديد كميات المنصرف من الأقماح وفقًا لمعدلات الإنتاج.
ومن أوجه القصور في الرقابة الداخلية بمطاحن شمال القاهرة، أنه يتم تحديد المنصرف من الأقماح للمطاحن تقديريًا وفقًا لكميات الإنتاج الفعلي في صباح اليوم التالي، وكذا يتم إثبات المنصرف من الدقيق والنخالة في بداية اليوم التالي طبقًا لإجمالي الكميات من واقع بيانات الإنتاج، كما يتم تحديد أرصدة النخالة وإضافتها إلى مخزن الإنتاج التام تقديريًا طبقًا لمعدلات الاستخراج، هذا بخلاف عدم الفصل بين مخزون الإنتاج التام وصالة الإنتاج، حيث يتم تخزين الإنتاج بصالة الإنتاج وفي أماكن متفرقة بجميع المطاحن.
ومن أوجه القصور عدم التزام بعض المطاحن في بعض الشهور بالتعليمات الصادرة من وزير التموين بشأن نسب خلط الأقماح في عملية الطحن، كما أظهر بيان متوسط نتائج عينات (دقيق- ردة ناعمة) خلال العام للمطاحن والوارد من قطاع الإنتاج مخالفاتها للمواصفات القياسية، كما أنه لا توجد إدارة لمراقبة المخازن بالقطاعات المختلفة، فضلًا عن عدم إمساك سجلات إحصائية بالقطاعات لمتابعة حركة وأرصدة الأصناف بالمخازن.