مباحثات سرية مع «النقد الدولى» للحصول على 5 مليارات دولار
طلبت مصر دعمًا إضافيًا من صندوق النقد الدولى من خلال الحصول على قرض جديد يصل إلى 5 مليارات دولار.
وشهدت الأسابيع القليلة الماضية، إجراء محادثات ومباحثات سرية موسعة مع صندوق النقد الدولي، بشأن زيادة قيمة القرض البالغ 3 مليارات دولار إلى أكثر من 5 مليارات دولار.
وقالت جولي كوزاك، مديرة إدارة الاتصالات بصندوق النقد الدولي، إن مصر تجري مباحثات للحصول على تمويل إضافي والذي اعتبرته «كوزاك» أمرًا حاسمًا لضمان نجاح تنفيذ حزمة التمويل.
وأضافت «كوزاك»: «حجم التمويل المطلوب يحتل جزءًا من المناقشات الجارية بين خبراء صندوق النقد الدولي والحكومة المصرية والتي تشمل أيضًا ضرورة تشديد السياسة النقدية والمالية، إلى جانب سعر صرف مرن لدعم الجهود الرامية إلى إبطاء وتيرة ارتفاع الأسعار، والانتقال إلى استهداف التضخم».
وقالت إن مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، عقدت اجتماعا مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشيرة إلى أن الإصلاحات الاقتصادية التي أجرتها مصر في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، مؤكدة دعم الصندوق لهذه الإصلاحات.
وأكدت «جورجيفيا»، خلال لقائها بالرئيس، أن مصر قامت بإصلاحات عديدة للاقتصاد وهذا خلق كثيرا من الفرص للقطاع الخاص واستثماراته، بالإضافة إلى الدعم الحكومي الموجه للأطراف الأكثر حاجة، معقبة: «قد ناقشنا كيف يمكننا دعم هذا التوجه».
ووفقًا لتأكيدات بوزارة المالية، طلبت مصر قرضا يصل إلى 5 مليارات دولار، ومن المرتقب زيارة مسئولي صندوق النقد للقاهرة لمراجعة المرحلتين الأولى والثانية من القرض الماضي، ومدى التزام مصر خلالهما.
وقالت المصادر، إن أي إعلان عن زيادة محتملة من مبلغ 3 مليارات دولار الذي تم تأمينه العام الماضي، لن يأتي إلا بعد أن تكمل مصر مراجعتها المتأخرة للبرنامج.
وفي حالة التوصل إلى اتفاق، فإن مثل هذه الخطوة من شأنها ضخ المزيد من الأموال إلى الاقتصاد الذي يعاني من أعمق أزمة منذ عقود.
ووفقًا للمصادر، فإن صندوق النقد الدولي لم يكمل حتى الآن المراجعات المقررة في البداية بمارس وسبتمبر.
ومن المحتمل أن تقوم بعثة من صندوق النقد الدولي بزيارة مصر لبدء المراجعتين وفقًا للمصادر؛ وقالوا إنه من المقرر مناقشة عدة خيارات، خلال الزيارة، بما في ذلك طريق التوصل إلى اتفاق على مستوى الموظفين بشأن المراجعة.
وأضافت المصادر المُطلعة داخل وزارة المالية، أن إصلاح العملة سيتم بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية في ديسمبر؛ مما يمهد الطريق لموافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على المراجعة ومن ثم صرف شرائح القروض المتأخرة.
وتدين مصر لصندوق النقد الدولي بنحو 22 مليار دولار، وتعد بالفعل ثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين، وتواجه احتياجات تمويلية يقدرها بنك مورجان ستانلي بنحو 24 مليار دولار في السنة المالية حتى يونيو 2024، بما في ذلك مليارات الدولارات كمدفوعات للصندوق.
تفاصيل القرض الجديد
من جانبه، قال فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن القاهرة طلبت من صندوق النقد الدولي إرجاء المراجعة الأولى لبرنامج القاهرة مع الصندوق لتكون في موعد المراجعة الثانية في منتصف سبتمبر، مضيفًا أن المجلس التنفيذي وافق على طلب مصر.
وأشار إلى أن مصر ستحصل على نحو 700 مليون دولار كشريحة ثانية وثالثة من القرض بعد الانتهاء من المراجعة الثانية الشهر المقبل.
وكشف «الفقي»، عن أن الحكومة المصرية ستطلب تمويلًا جديدًا من الصندوق الدولي بقيمة تصل إلى 1.3 مليار دولار في إطار برنامج التمويل الاستثنائي «الصلابة والاستدامة» الذي خصصه الصندوق لدعم ومساعدة الدول التي تعاني ندرة النقد الأجنبي والتي يصل عددها إلى نحو 70 دولة.
وتابع أن حصول الدول الـ70 على تمويل «الصلابة والاستدامة» يتطلب شرطين أساسين الأول أن تكون تلك الدولة مرتبطة مع الصندوق ببرنامج تمويل قائم وهذا الشرط ينطبق على القاهرة، بينما الشرط الثاني أن يكون سجل تعاملات الدولة مع الصندوق لا يتضمن تخلفًا عن سداد القروض أو الأقساط أو الفوائد، مؤكدًا: «هذا الشرط ينطبق على مصر أيضًا».
ولفت إلى أن القاهرة ستحصل على التمويل الاستثنائي وفقًا لبرنامج «الصلابة والاستدامة» بقيمة تصل إلى 1.3 مليار دولار على مدى أربعة أعوام أي تحصل مصر على 325 مليون دولار بفترة سماح 10 سنوات وتسدد على مدى 20 سنة بسعر فائدة تعادل 50 في المئة من أسعار الفائدة في السوق العالمية.
إصلاحات مطلوبة
من جانبه، كشف الدكتور محمود الشريف الخبير الاقتصادي، عن أن هناك مباحثات قائمة بين مصر وصندوق النقد الدولي من أجل فرصة وجود تمويل إضافي والتى يصر صندوق النقد من جهته على تنفيذ مجموعة من السياسات التي يمكن أن تدعم استكمال المراجعة الأولى والثانية في إطار تسهيل الصندوق الممدد.
وأضاف «الشريف»، أن هناك سببا لحاجة مصر الماسّة إلى إبرام اتفاق جديد بحجم وتمويل أكبر مع صندوق النقد الدولي؛ وهو ارتفاع التضخم بشكل غير مسبوق بالرغم أن مصر لم تقم بالعديد من الإصلاحات المطلوبة في عام 2023 من رفع البنزين والسولار والكهرباء وتحرير سعر الصرف، وهو ما يعني أن هناك العديد من المشكلات التي سيبدأ حلها في 2024، ما سيؤدي إلى مزيد من التضخم.
وبالتالي فإن البرنامج الجديد يجب أن يكون تدريجيًا أكثر وبحجم أكبر حتى لا تتفاقم المشكلات الاقتصادية في مصر بصورة تهدد الاستقرار المجتمعي.