الحرب الأمريكية على الحوثيين تهدد الاقتصاد المصرى.. وتتسبب فى موجة ارتفاعات جديدة بالأسعار
يبدو أن أزمة سير السفن من خلال البحر الأحمر بدأت في التفاقم تدريجيًا، خاصة بعد العملية العسكرية التي نفذتها القوات الأمريكية والبريطانية، خلال الفترة الماضية، ضد مواقع تابعة للحوثيين في اليمن.
وبحسب مستوردين ومستثمرين، فإن الأزمة ستؤثر بشكل مباشر على سلاسل التوريد والإمدادات وحجم التجارة العالمية والسفن المارة بالبحر الأحمر، وهو ما يؤدى إلى انخفاض إيرادات مصر الدولارية من قناة السويس بجانب ارتفاع أسعار جميع السلع المستوردة.
جاء ذلك، في الوقت نفسه الذي تعاني فيه مصر من نقص شديد في الدولار، وانخفاض سلاسل الإمداد والتوريد؛ نتيجة الحرب الأوكرانية الروسية وقبلها جائحة كورونا.
وكانت جماعة الحوثي في اليمن المدعومة من إيران كثفت هجماتها على السفن في البحر الأحمر بزعم دعمها لحركة حماس التي تخوض حربا مع إسرائيل في قطاع غزة.
وشنت جماعة الحوثي حتى الآن، ما لا يقل عن 100 هجوم صاروخي وعشرات الطائرات المسيرة تجاه السفن في البحر الأحمر، وكررت تهديداتها في استهداف أي سفينة إسرائيلية أو متجهة إلى إسرائيل، حسب تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي.
وتستهدف الهجمات ممرا يسمح لتجارة النفط والبضائع بين الشرق والغرب، بالعبور من قناة السويس توفيرا للوقت والنفقات بدلا من الدوران حول القارة الإفريقية، وتسببت الهجمات في دفع بعض شركات الشحن لتغيير مسار سفنها لتجنب المنطقة.
فيما قامت شركات الشحن بالفعل بتحويل أكثر من 200 مليار دولار من التجارة على مدى الأسابيع القليلة الماضية بعيدًا عن طريق الملاحة البحري الحيوي في الشرق الأوسط، والذي يربط البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي، جنبًا إلى جنب مع قناة السويس.
وبحسب الشركة الأمريكية فليكس بورت المتخصصة في إدارة سلاسل الإمداد، فإن 299 سفينة بسعة إجمالية 4.3 مليون حاوية، غيرت مسارها الأسبوع الماضي بعيدًا عن البحر الأحمر أو تخطط لذلك.
ويرى خبراء، أن الأزمة أثرت بالفعل على سلاسل الإمداد وتكلفة الشحن التي ارتفعت إلى ما يقرب من 500%، متوقعين حدوث مزيد من الارتفاعات ونقص للسلع في الأسواق المصرية في حالة استمرار الأمر لمدة تزيد عن شهر.
وفي هذا السياق، قال حسن الفندي، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، ورئيس لجنة الصناعات الغذائية بجمعية مستثمري العاشر من رمضان، إن عددا من شركات النقل وقفوا الملاحة من خلال البحر الأحمر وهو الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض إيرادات قناة السويس.
وأضاف،، أن هذا بخلاف زيادة قيمة النولون البحري إلى 3 أو 4 أضعاف عن السابق، متابعًا: «جميع البضائع القادمة من جنوب وشرق آسيا من الهند والصين ارتفعت أسعارها بسبب النقل».
وأشار «الفندي»، إلى أن الأسعار سترتفع على المستهلك بقيمة تتراوح بين 2% إلى 3%، لافتًا إلى أن مصر تتأثر بالحروب والأحداث الاقتصادية العالمية بشكل كبير.
وأوضح رئيس لجنة الصناعات الغذائية بجمعية مستثمري العاشر من رمضان، أن أزمة العمليات العسكرية في البحر الأحمر لن تستمر طويلًا ولا سيما أن الأمر يهدد التجارة العالمية وخاصة أمريكا وبريطانيا، قائلًا: «الأمر لن يمتد لشهور ولكنه سينتهي خلال أيام».
تعطيل لسلاسل الإمداد
ومن ناحيته، قال مصطفى المكاوي، السكرتير العام المساعد للشعبة العامة للمستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، ورئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بكفر الشيخ، إن الاقتصاد المصري بالنسبة للعملة الصعبة مرتبط بقناة السويس وعوائدها والتي تقدر من 10 إلى 12 مليار دولار سنويًا.
وأضاف، أن أزمة العمليات العسكرية في البحر الأحمر الخاسر الأول فيها هي مصر، حيث البضائع الخارجة من جنوب شرق آسيا بالكامل والتي تمر على أوروبا الغربية والبحر الأبيض المتوسط جميعها تعبر من خلال قناة السويس، ومع إغلاق هذا الشريان ستنخفض الإيرادات اليومية والشهرية والسنوية لقناة السويس.
وأشار «المكاوي»، إلى أن هناك أزمة جديدة ظهرت وهي ارتفاع قيمة أسعار النولون البحري، بنسبة 400% و500%، بالنسبة لجميع دول شرق آسيا، حيث وصل الشحن من الصين إلى 7 و8 آلاف دولار للكونتينر 40 قدما، ونفس الأمر للهند والذي وصل من 4 و6 آلاف دولار، بينما كان في السابق 700 دولار فقط.
وتابع: «تكلفة النقل تتحكم في 15% إلى 20% من إجمالي ثمن السلع، حيث من المتوقع حدوث زيادات في جميع السلع المستوردة، خلال الفترة المقبلة، بقيمة لن تقل عن 15% تضاف للمنتج النهائي على المستهلك».
وواصل: «هذا بالإضافة إلى حدوث تعطيل لسلاسل الإمداد والتوريد وما سيتم دخوله سيكون بأسعار مرتفعة وهو ما ينذر بانخفاض المعروض من السلع الأيام المقبلة في حالة استمرار الوضع أكثر من شهر».
وأوضح السكرتير العام المساعد للشعبة العامة للمستوردين، أن الأزمة الحالية أسوأ مما مرت به مصر خلال الحرب الروسية الأوكرانية وجائحة كورونا.
ولفت إلى ضرورة إعداد طاولة مفاوضات بين جميع القوى السياسية المعنية بأطراف الأزمة وحلها دبلوماسيًا، قائلًا: «القوة لن تحل المشاكل ولكنها تمهد لحرب إقليمية وعالمية ثالثة».