تقرير

أسرار الارتفاعات الجنونية فى أسعار السلع قبل أيام من شهر رمضان

«الحق اشتري قبل رمضان.. الأسعار هتغلى»، عبارة ترددت، خلال الأيام الماضية، على لسان بعض التجار، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتسببت في تكالب وتخزين المواطنين للسلع الغذائية الأساسية؛ ما أدى إلى ارتفاع أسعار بعضها وقلة المعروض من أخرى.

وأثارت الدعوات المنتشرة الفترة الأخيرة، مخاوف المواطنين من استمرار الموجات الجنونية في أسعار السلع الأساسية وخاصة مع عودة أزمة اختفاء السكر مرة أخرى، ووصول سعره إلى 80 جنيهًا في السوق السوداء.

وأرجع أسامة الشاهد، رئيس الغرفة التجارية بالجيزة، سبب اختفاء السكر إلى مشكلة التوزيع والمداهمات البوليسية للمخازن، وليس بسبب جشع التجار أو الاحتكار، حيث هناك قلق ومخاوف لدى التجار وعدم ثقتهم في الطريقة التي يتم التعامل بها معهم من قبل الشرطة.

وأضاف أن التجار الكبار يحصلون على كميات كبيرة من السكر ويقومون بتوزيعها على المحافظات والتجار الصغار، وهذا يؤدي إلى مشاكل قانونية لهم ونتيجة لذلك، يتم إغلاق المحال التجارية ويتعذر على التجار الصغار الحصول على السكر من التجار الكبار، وبالتالي يصبح السكر متوفرًا فقط في مخازن التموين.

فيما شهدت أسعار الزيوت والألبان والأرز ارتفاعات غير مسبوقة، منذ بداية العام الجاري حتى الآن، حيث ارتفعت سعر الزيت إلى 105 جنيهات واللبن السائب لـ35 جنيهًا مع توقعات بزيادة جديدة بنسبة 40% الشهر المقبل، بخلاف الأرز الذي يتراوح سعره بين 37 و50 جنيهًا.

وتوقع الخبراء، استمرار أزمة التكالب والتخزين حتى انتهاء شهر رمضان، وخاصة مع وصول حجم إنفاق المصريين على الطعام في شهر رمضان إلى 100 مليار جنيه.

الأزمة الحالية موسمية مؤقتة

وفي هذا السياق، قال السيد البرعي، عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للمواد الغذائية بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن جميع السلع الأساسية متوفرة وبكثرة في الأسواق المصرية، ومعارض أهلًا رمضان التي تم افتتاحها الفترة الحالية والمتنشرة في جميع أنحاء الجمهورية ستساهم في زيادة المعروض من السلع.

وأضاف، أن دعوات تخزين السلع والشراء قبل رمضان؛ تحسبًا لارتفاعها، ما هي إلا شائعات غرضها «هز الثقة» في الاقتصاد المصري.

وأشار «البرعي»، إلى أن عدم أمان المواطنين تجاه الأسعار هو السبب في الانسياق وراء دعوات الشراء، والتكالب على السلع والتخزين وهو ما يهدد بارتفاع في الأسعار ونقص في بعض المعروض.

وأوضح، أن الأزمة الحالية موسمية مؤقتة؛ نتيجة زيادة الطلب على السلع قبل وأثناء رمضان، لافتًا إلى أن الأمر سيتنهي بعد مرور أول أسبوع من الشهر الكريم وسيحدث بعد ذلك ركود وزيادة في المعروض وانخفاض في الأسعار.

وأكد عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للمواد الغذائية بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن الأزمة في البداية سوء توزيع ورقابة من الحكومة، حيث من المفترض خفض الحلقات الوسيطة ويصبح التوزيع مباشرة على التجار دون موزع أو تاجر تجزئة والذي يتحكم الكميات المنصرفة في السوق، موضحًا أن أزمة السكر مصطنعة والمخزون يكفي جميع احتياجات المواطنين لشهور قادمة.

الارتفاعات أضعفت زيادة الأجور والمعاشات

ومن ناحيته، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، إن الفترة الحالية تشهد بالفعل ارتفاعا جنونيا في أسعار السلع الغذائية والأساسية على رأسهم الزيت والسكر الألبان واللحوم والدواجن والبيض.

وأضاف،  أن الارتفاعات جاءت في الوقت الذي أقرت فيه الحكومة رفع الحد الأدنى للأجور وزيادة المعاشات، قائلًا: «كأن التجار مستنين هذا القرار، وبالتالي هذا أضعف بشدة أي زيادات هتحصل الفترة المقبلة بالنسبة للأجور».

وأشار «الإدريسي»، إلى أن هذه الارتفاعات جعلت هناك مبررا للمواطنين للاستجابة إلى دعوات تخزين السلع والتكالب عليها، موضحًا أن زيادة الطلب تزيد من المشكلة الحالية، وهو ما حدث في السكر حيث وصل سعره إلى 70 و80 جنيهًا في السوق السوداء.

وتابع: «الأسعار ارتفعت وسترتفع الفترة المقبلة في حالة عدم أخذ الحكومة إجراءات لضبط السوق من تقديم عروض حقيقة وخاصة أن معارض أهلًا رمضان تقارب أسعارها السوق الحر وهو ما يجعل تأثيرها ضعيف؛ لذلك يجب توفير السلع بأسعار مناسبة للمواطنين».

وحول توقعات حدوث ركود تضخمي قريبًا بسبب الأسعار، استبعد الخبير الاقتصادي، ذلك وخاصة في أسواق السلع الغذائية مثل اللحوم والدواجن والبيض والزيوت والسمن والسكر والأرز، متابعًا: «مهما ارتفع أسعارها هي لا تزال سلع أساسية المواطن يحتاجها بشكل يومي».

وواصل: «على سبيل المثال اللحوم، هناك عدد كبير من المواطنين خفض استهلاكه منها ولكن لا يزال الإقبال عليها مستمرا حتى إذا لم يكن مثل السابق، بالإضافة إلى أن هناك آخرين اتجهوا إلى بدائل مثل اللحوم المستوردة السوداني والبرازيلي أو حتى اللانشون».

واستكمل: «فوضع سوق المواد الغذائية مختلف تمامًا على الأسواق الأخرى، فمن الممكن حدوث ركود تضخمي في العقارات أو الأجهزة الكهربائية أو المحمول أو الملابس أو المتنزهات أو الكافيهات».

وتوقع أستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، أن يكون رمضان 2024 المقبل يحمل ثقافة استهلاكية مختلفة، قائلًا: «سيحدث أنماط لم يعتد عليها المصريين في السنين السابقة على مستوى المطاعم والمتنزهات، حيث سيبقى مقتصر بنسبة أكبر على الفئات أصحاب الدخول المرتفعة والذين يمثلوا 7% من الشعب المصري».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى