بالمستندات.. مخالفات بـ732 مليون جنيه داخل الشركة القابضة للصناعات المعدنية
شهدت الأيام الأخيرة الكشف الكثير من وقائع الفساد داخل بعض الوزارات والجهات الحكومية، كان أبرزها قضية فساد التموين التي أحدثت ضجة كبيرة على الساحة؛ نظرًا لتورط قيادات حكومية كبرى فيها بزعامة مستشار وزير التموين.
وبعد سقوط عصابة فساد وزارة التموين سرعان ما انتقل الفساد من تلك الوزارة الخدمية إلى الوزارات الاقتصادية، وبالتحديد وزارة قطاع الأعمال والشركات التابعة لها، حيث شهدت الشركة القابضة للصناعات المعدنية العديد من المخالفات التي نتج عنها ضياع نحو 732 مليون جنيه، بعضها يتعلق بمشروعات استثمارية لا جدوى لها نسفت ملايين الجنيهات دون أن تخرج إلى النور سوى بعض دراسات الجدوى لها، وبعضها يتعلق بمديونيات مستحقة لا توجد أي خطوات جادة لسدادها، هذا بخلاف السماح بتصفية شركات كبرى مثل شركة النصر لصناعة الكوك بعد الاستعانة بدراسات غير مكتملة الجوانب لاستشاريين أجانب، حسب تقرير رقابي
وكشف التقرير الرقابي، عن قيام الشركة القابضة للصناعات المعدنية بإهدار نحو 32 مليون جنيه على إعداد دراسة جدوى مشروع الخط السابع بشركة مصر لصناعة الألومنيوم «إيجيبتالوم»، ولم تفصح الشركة حتى الآن عن جدوى المشروع والإجراءات التي تم اتخاذها نحو تنفيذه، بالرغم من تأكيد العضو المنتدب للشركة القابضة أن المشروع سوف يتم، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن، وكل ما حدث هو فقط ضياع مبلغ 32 مليون جنيه على دراسة جدوى المشروع، مما يمثل إهدارًا للمال العام وضياعًا لأموال الشركة.
وأضاف التقرير، أنه تم أيضًا ضياع مبلغ 8.867 مليون جنيه على عقد عملية توريد وتركيب وتشغيل وضمان شبكات المعلومات وأجهزة الاتصال لمشروع «إي أر بي» والمحرر بين الشركة القابضة للصناعات المعدنية وشركة مصر للنظم الهندسية «إس إي إي»، تم سداده للمورد شركة فايبر مصر والمورد شركة مصر للنظم الهندسية، بالإضافة إلى شركة أخرى بقطاع الاتصالات، واعترفت الشركة القابضة بعدم التزام شركة فايبر مصر الشركة المنفذة للتطبيقات بالبرنامج الزمني المرسل من قبلها لنهو المشروع وعدم التزامها بكافة الجداول الزمنية المرسلة منها.
وبحسب التقرير الرقابي، لم يتم حتى الآن الإفصاح عن مدى الجدوى من تنفيذ تلك الاستثمارات في مشروع الـ«إي أر بي»، خاصة في ضوء عدم الاستفادة من المشروع حتى تاريخه، وعدم الكشف عما اتخذ من إجراءات في ظل عدم التزام شركة فايبر مصر بالبرنامج الزمني لتنفيذ المشروع.
وأشار التقرير، إلى صرف مبلغ بنحو 1.806 مليون جنيه تحت حساب دراسة مشروع جنوط السيارات للاستشاري شركة سيجمان، وبالرغم من استلام دراسة جدوى للمشروع واستلام دراسة الجدوى البنكية النهائية، إلا أنه حتى الآن لم يتم الكشف مراجعة تلك الدراسات والوقوف على مخرجاتها، كما لم يتم الكشف نتائج الاجتماع الذي عقد مع ممثلي أحد البنوك واستشاري المشروع في هذا الشأن.
ولفت التقرير الرقابي، إلى أن حسابات العملاء والموردين بشركة مصر للألومنيوم تضمنت أرصدة مدينة طرف شركات تابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، هذه الشركات هي «شركة الحديد والصلب المصرية، وشركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات، وشركة الدلتا للصلب، وشركة النحاس المصرية، وشركة السبائك الحديدية»، وبلغت تلك الأرصدة المدينة نحو 522.322 مليون جنيه.
وأوضح التقرير، أن المديونية الخاصة بشركة النحاس المصرية، أحد الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، بلغت نحو 508 ملايين جنيه.
وأكد التقرير الرقابي، أنه تم استثمار نحو 167 مليون جنيه من أموال شركة مصر للألومنيوم في استثمارات غير ذي جدوى اقتصادية، حيث لم يتحقق عنها أي عوائد مادية منذ اقتنائها فضلًا عن الأعباء المالية والمادية التي حملت بها الشركة من تلك الاستثمارات.
وبحسب التقرير، سمحت الشركة القابضة للصناعات المعدنية بالتخلص من شركة النصر لصناعة الكوك، فبدلًا من الاتجاه نحو تطوير شركة النصر بعد خسائرها الأخيرة التي وصلت لنحو 30 مليون جنيه تم السماح بتصفيتها وحلها وتشريد العاملين بها؛ تحت حجج كثيرة من ضمنها أن تكلفة التطوير تصل إلى 15 مليار جنيه معتمدة في ذلك على دراسة الاستشاري الألماني «شركة دي إم تي»، ومنها أيضًا عدم وجود سوق لفحم الكوك في مصر بعد تصفية شركة الحديد والصلب والتي كانت تعد العميل الرئيسي للشركة، حيث يمثل فحم الكوك نسبة 47% من هيكل تكلفة إنتاج الحديد، كما تم التحجج أيضًا بتقادم مصانع شركة النصر وتهالك المعدات والآلات؛ مما أدى إلى انخفاض الطاقة الإنتاجية إلى نسبة 22%.
وبالرغم من تلك الحجج، إلا أنه كانت هناك بدائل عديدة بدلًا من تصفية شركة النصر لصناعة الكوك، تضمنت حلولا لاستمرار نشاط شركة النصر حتى بعد تصفية شركة الحديد والصلب، هذه الحلول تتمثل في تصدير جزء كبير من الإنتاج للخارج، وتلبية الطلب المحلي من الكوك وهي نسبة طفيفة تستخدم في بعض الأفران العالية لشركات صلب تابعة للقطاع الخاص وبعض مصانع السكر، إضافة إلى تنشيط إيرادات الشركة من منتجات الكيماويات التي تصنعها.
كما أن المفاجأة أن دراسة الاستشاري الألماني التي اعتمدت عليها الشركة القابضة للصناعات المعدنية في تصفية شركة النصر لصناعة الكوك لم تكن مستوفية لكل المعايير اللازمة؛ لأنه طُلب من الاستشاري إجراء دراسة مبدئية وليست مستفيضة.