ماذا سيحدث للاقتصاد المصري بعد تعويم الجنيه؟
استيقظ المصريون، ، على قرارات البنك المركزي برفع سعر الفائدة 6% والسماح لسعر صرف الجنيه أن يتحدد وفق آليات السوق، وهو ما يعني تعويم الجنيه.
وكان سعر الدولار تخطى مستوى 73 جنيها في يناير الماضي قبل أن يبدأ في التراجع بداية من شهر فبراير الماضى.
وقال البنك، إن القرار جاء في إطار حرصه على تحقيق الدور المنوط به لحماية متطلبات التنمية المستدامة.
وأكد البنك التزامه بالحفاظ على استقرار الأسعار على المدى المتوسط، والتحول نحو إطار مرن لاستهداف التضخم، وذلك من خلال الاستمرار في استهداف التضخم كمرتكز اسمي للسياسة النقدية مع السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقا آليات السوق.
وشدد البنك على أن توحيد سعر الصرف إجراء بالغ الأهمية، حيث يساهم في القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي، في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمي والموازي
وفي هذا السياق، قال متعاملون في السوق السوداء، إن هناك شللا وتوقفًا تامًا بعد إعلان البنك المركزي عن تحرير سعر الصرف؛ نتيجة زيادة سعر الدولار في البنوك بشكل لحظي.
وأضاف المتعاملون، أن السعر الاسترشادي للدولار في السوق السوادء، يصل إلى 51 جنيهًا، وقابل للزيادة خلال الفترة المقبلة بعد قرار تحرير سعر الصرف وفقًا لآليات العرض والطلب.
وقال خبراء اقتصاديون، إن التعويم الذي أقره البنك المركزي، جاء لتحرير سعر الصرف طبقًا لآليات السوق (العرض والطلب)، مشيرين إلى أنه كان من الضروري اتخاذه، خصوصًا بعد دخول العملة الصعبة الفترة الأخيرة من صفقة رأس الحكمة، وهو ما شكل عاملا حاسما ومطمئنا المركزي في اختيار توقيت التعويم.
وأضاف الخبراء، أن القرار بدوره سيسهم في القضاء على السوق السوداء، وتوحيد سعر الجنيه ليكون متساوي مع البنوك.
وتابعوا: كما يساهم القرار في تدفق مزيد من النقد الأجنبي للبلاد، متابعا كل الاستثمارات اللي كانت متعطلة بسبب تأجيل اتخاذ قرار تحرير سعر الصرف.
وواصلوا: كما سيساعد القرار في عودة تحويلات المصريين في الخارج بعد القضاء على السوق السوداء، ووجود سعر واحد للجنيه معقبين: «وبالتالي الكل هيحول مباشر على البنك».
ولفتوا إلى أن القرار سيؤثر بدوره بشكل إيجابي على مفاوضات قرض صندوق النقد الأجنبي بعد قرار المركزي، مما يعطينا فرصة للتحرك بشكل أفضل خلال السنوات القادمة، ومن ثم زيادة الثقة في الاقتصاد المصري ككل.
أهمية رفع سعر الفائدة
وحول توقعاته بشأن الاسعار، قال الخبراء، إن البنك المركزي رفع سعر الفائدة 6% بهدف جمع الكاش الزيادة من السوق وبالتالي محاصرة التضخم (ارتفاع الأسعار)، كما أن البضايع التى كانت محجوزة في الجمارك سيتم إدخالها دفعة واحدة وبالتالي المعروض هيزيد بشكل كبير جدًا الفترة القادمة وبالتالي الأسعار هتنخفض تدريجيًا بشكل ملحوظ.
واستكملوا: القرار جاء في الأساس هدفه هو السيطرة على ارتفاع الأسعار ولن تحدث هناك زيادة، معقبل بهذا القرار نستطيع أن الاقتصاد المصري بدأ يتحرك في اتجاه الإنفراجة على كل المستويات متوقعا عقد صفقات كبيرة واستثمارات ضخمة وبالتالي انتعاشة للاقتصاد والسوق بشكل عام.
ومن ناحيته، قال الدكتور إيهاب الدسوقي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن قرار تحريك سعر الصرف في الوقت الحالي هو الأنسب، وخاصة بعد تقليل الفجوة بين السعر الرسمي وغير الرسمي.
وأضاف، ، أن الأزمة الآن ليست في ارتفاع سغر الدولار في البنوك ولكن تكمن في السيطرة على المضاربات التي ستحدث في السوق الموازية بعد تحرك سعر الصرف.
وأشار «الدسوقي»، إلى ضرورة وجود السيولة الكافية لدى البنك المركزي حتى ينجح القرار، موضحًا أن السيولة الخاصة بصفقة رأس الحكمة والمقدرة بـ10 مليارات دولار كدفعة أولى، ستساعد في نجاحه ولكن ليست الأساس.
خطوات مهمة لضمان نجاح قرار تعويم الجنيه
وفي المقابل، قال مدحت الشريف، وكيل اللجنة الاقتصادية في البرلمان السابق، واستشاري الاقتصاد السياسي، إن الوقت الحالي غير مناسب لتحريك سعر الصرف في البنوك.
وأضاف،، أن تحريك سعر الصرف كان من المفترض أن يلزمه مجموعة من الإجراءات أهمها قدرة الحكومة على توفير القدر الكافي من العملة الحرة؛ لدعم السيولة الدولارية وضخ دفعات منها في الأسواق للحفاظ على قيمة الجنيه أمام الدولار والسيطرة على السوق السوداء، بما يحقق الاستدامة لاستقرار سعر الصرف، حتى لا تكون فترة محددة من الأسابيع والشهور ويعود الدولار إلى الارتفاع غير المبرر كما حدث في الشهور الماضية.
وأشار «الشريف»، إلى أن هذا بجانب تنفيذ خطة حقيقية لترشيد الإنفاق الحكومي، متسائلًا: «هل من المنطق زيادة 70% على إنفاقات الحكومة؟!، بالإضافة إلى العديد من الزيارات الخارجية البروتوكولية للوزراء والوفود المرافقة لهم مما يكلف الدولة نفقات دولارية غير مقنعة وسط التحدث عن خطة تقشفية».
وأوضح أن كل الأموال التى ستدخل من رأس الحكمة 24 مليار دولار فقط، بينما 11 مليار دولار سيتم تحويلهم إلى الجنيه المصري وضخهم إلى مشروعات استثمارية متنوعة في مصر.
وتابع: «الـ24 مليار دولار يجب أن يكون لها خطة استغلال واضحة لتغطي الاحتياجات العاجلة، على أوجه الإنفاق الأساسية مثل توفير السلع الغذائية الرئيسية، توفير مستلزمات الإنتاج للمصانع العاطلة وسداد أقساط الديون وفوائدها والإفراج عن جميع البضائع المكدسة في الموانئ، بالإضافة إلى سداد المستحقات المالية لشركات البترول المتأخرة، وبالتأكيد لن تغطى كافة محاور الإنفاق العاجلة المشار إليها».
وواصل: «لذلك يجب أن يكون هناك موارد دولارية كافية ومستدامة قبل تحريك سعر الصرف، وخاصة مع انخفاض جميع مصادرها من الدولار سواء التي تأتي من السياحة أو تحويلات المصريين في الخارج أو الصادرات أو قناة السويس؛ نتيجة الأحداث والصراعات القائمة من الحرب في غزة وضربات الحوثيين لخطوط الملاحة في البحر الأحمر».