التحقيقات

ثورة غضب ضد الحكومة بسبب تأجير 650 مستشفى حكومى لرجال الأعمال

حالة من الجدل بين المواطنين في الشارع المصري وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، وذلك بعد أن وافقت الحكومة على مشروع قانون يفيد بإدارة وتملك المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص سواء المصريين أو الأجانب للتشجيع على الاستثمار في مصر.

ووافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بشأن تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية، وذلك بهدف تشجيع الاستثمار في القطاع الصحي.

ونص مشروع القانون على جواز منح التزامات المرافق العامة للمستثمرين المصريين أو الأجانب، سواء أكانوا أشخاصا طبيعيين أم اعتباريين، لإنشاء وإدارة وتشغيل المنشآت الصحية، أو لإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية القائمة، وذلك وفقا لإحدى الطرق المبينة بقانون تنظيم التعاقدات التي تُبرمها الجهات العامة الصادر بالقانون رقم 182 لسنة 2018 حسب طبيعة كل مشروع، وبمراعاة عدد من الشروط والقواعد والإجراءات.

وتضمنت الشروط والقواعد الحفاظ على المنشآت الصحية وما تشتمل عليه من تجهيزات وأجهزة طبية لازمة لتشغيلها، والالتزام بتقديم الخدمات الصحية بأحكام القوانين والقرارات المطبقة على المنشآت الصحية، وكذا المُنظمة لتقديم الخدمات المكملة الموجودة بها، وأن يتوافر في الملتزم الخبرات اللازمة لتشغيل المنشأة الصحية.

كما تضمنت الشروط عدم التنازل عن الالتزام للغير دون الحصول على إذن من مجلس الوزراء، وألا تقل مدة الالتزام عن 3 أعوام ولا تزيد على 15 عامًا، مع أيلولة جميع المنشآت الصحية بما فيها من تجهيزات وأجهزة طبية لازمة لتشغيلها إلى الدولة في نهاية مدة الالتزام دون مقابل وبحالة جيدة، وتمت الموافقة على مشروع القانون.

وناقش مجلس النواب في عدة جلسات هذا القانون؛ مما أثار حالة جدل واسعة في ظل رفض عدد من النواب هذا القانون، لأنه سيسمح للقطاع الخاص بالتحكم والتملك للمنشآت الصحية وخاصة المستشفيات الحكومية، كما رفضت منظمات المجتمع المدني هذا القانون مطالبين بإعادة مناقشته مرة أخرى.

وأبدت شريحة عريضة من المواطنين اعتراضها على مشروع القانون في ظل مخاوفهم من استغلال المسثمرين هذا القانون في تحقيق أرباح كبيرة على حساب صحة المواطن البسيط الذي لم يجد ملجأ لعلاجه سوى المستشفيات الحكومية لعدم قدرته على الذهاب للمستشفيات الخاصة، في ظل تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في 5 محافظات فقط، ليطرح المواطنون السؤال الأهم «أين مصلحة المريض من هذا القانون في ظل الظروف الاقتصادية الحالية؟».

المشروع كارثي

وفي السياق، قال الدكتور محمود فؤاد مدير جمعية الحق في الدواء، إن لجنة الصحة في مجلس النواب وافقت مبدئيًا على قانون السماح للقطاع الخاص بتشغيل وإدارة المستشفيات الحكومية.

وأضاف «فواد»، أن هذا المشروع «كارثي» وسيكون له مشاكل سلبية كثيرة جدا مستقبليا على المواطنين خاصة في ظل وجود تقارير حكومية من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تفيد بأن 20% من تعداد المصريين يصرف 10% من جملة إنفاقه على الصحة واصفا بأنه رقم كارثي.

وتابع أن القطاع الخاص سيعمل على إتمام صفقة شراء المستشفيات الحكومية من الحكومة ومن نفقة الدولة التي هي بالأساس بها عجز كبير جدا، وأكثر من 30 استجوابا في مجلس النواب عن ضرورة رفع الميزانية، وبالتالي سيحدث تغول من القطاع الخاص على الصحة في مصر، مضيفا أن الدولة بها أكثر من 650 مستشفى حكومي.

وأشار إلى أن الصحة في الوضع الحالي بها 70% من تقديم الخدمات الصحية للمستشفيات الحكومية، و30% للقطاع الخاص، لافتا إلى أنه بعد تنفيذ المشروع سيحدث سباق بين المستشفيات الحكومية التابعة للقطاع الخاص والمستشفيات الاستثمارية في تقديم الخدمة من حيث الأسعار.

وأردف أن هذا تغيير خطير في مفاهيم الرعاية الصحية المجانية التي تقدمها الحكومات لكافة الشعوب، مشيرا إلى أن الحكومة تعمل على غسل يديها من الإنفاق على الصحة، خاصة بعد صدور عدة قرارات في الفترة الماضية ومنها: زيادة تذكرة المستشفيات ويجوز رفعها أكثر من مرة خلال عام طبقا للائحة، صرف صنف دواء واحد فقط للمريض، وإلغاء بدل الوجبة للطبيب المقيم في المستشفى  36 ساعة، وزيادة أسعار الخدمات المقدمة في المستشفيات العامة.

وأكد أن أي مستثمر غرضه الأساسي الربح وليس المريض، لافتا إلى أن شرط إدارة القطاع الخاص للمستشفيات من 5 لـ15 عاما التي وضعته الحكومة غير صحيح وغير مقبول بالمرة قائلا: «مفيش مستثمر هياخد شركة يكبرها ويشتغل عليها وفي الآخر يسيبها للحكومة ويسلمنا المعدات سليمة».

زيادة التكاليف على المرضى

ومن جانبه، قال الدكتور على حسانين عضو مجلس نقابة الأطباء الأسبق، إن الحكومة كان يجب عليها التركيز على تعزيز دورها في القطاع الطبي، بدلا من دفع المواطنين ليكونوا تحت رحمة القطاع الخاص.

وأضاف «حسانين»، أن ما تسعى إليه الحكومة لإشراك القطاع الخاص في الرعاية الطبية الأساسية سيؤثر على الجميع، لافتا إلى أن هذا القطاع بالأساس لا يجب أن يتحكم فيه الأشخاص الراغبون في تحقيق أرباح.

وأكد أنه من الضروري توفير دعم مباشر من الحكومة للقطاع الصحي؛ مما يقلل من الحاجة إلى القطاع الخاص بشكل كبير، مشيرا إلى أن وجود القطاع الخاص في مجال الرعاية الصحية يُعتبر خطوة استغلالية للمرضى؛ لأنها تعتبر بمثابة تجارة وهذا الأمر مهنيا غير مقبول.

وتابع أن المؤسسات الاستثمارية تستهدف الربح في الأساس وتيسير دخولها في قطاع الرعاية الصحية، خصوصا في المنشآت الحكومية، سيؤدي إلى زيادة التكاليف على المرضى في ظل عدم وجود تغطية تأمينية شاملة لكافة المواطنين.

وأشار عضو مجلس نقابة الأطباء الأسبق، إلى أن الحكومة المصرية أصبحت تنظر إلى الخدمات الصحية على أنها حق لمن يستطيع الدفع فقط؛ مما يثير مخاوف حقيقية بشأن مستقبل الرعاية الصحية في البلاد، في ظل التكاليف المعيشية المرتفعة على المواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى