سر غضب الرأى العام من أداء المحافظين الجدد فى «حكومة مدبولى»
أثار أداء المحافظين الجدد، خلال الجولات الميدانية، عقب تسلمهم مهام عملهم في الولاية الثانية لحكومة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، حالة من الغضب في الشارع المصري، وذلك بسبب قيام بعض هؤلاء المحافظين بأفعال اعتبرها البعض بهدف «اللقطة الإعلامية» خلال جولاتهم، وما أحدثته تلك الجولات من ضجة واسعة دعت إحداها إلى اعتذار رئيس الوزراء لطبيبة المراغة بعد تعنيفها من محافظ سوهاج.
وتصدرت واقعة تعنيف سمر أنور المعروفة بـ«طبيبة المراغة» من قبل اللواء دكتور عبدالفتاح محمد سراج محافظ سوهاج، التريند على مواقع التواصل الاجتماعي، أثناء مروره لمتابعة الخدمات المقدمة للمواطنين بمستشفى المراغة المركزي؛ وذلك بسبب عدم الكشف على مريض من دون وجود تذكرة للكشف، بأن دخل المحافظ مكتب الطبيبة وتحدث معها قائلا: «قاعدة في مكتبك بتعملي إيه؟!»، لترد: «قلت لهم روحوا هاتوا تذكرة دخول»، ليُكمل المحافظ: «يعني المشكلة في تذكرة الدخول؟ شوفي العيان الأول.. أنت معندكيش ضمير ولا إحساس!»، الأمر الذي جعله يقرر إحالة جميع العاملين بالدوام المسائي بالمستشفى للتحقيق، للتقاعس عن أداء مهام عملهم، وعدم تقديم الخدمة الطبية اللازمة للمواطنين المترددين على المستشفى.
وبعد انتشار الفيديو الذي ظهر خلاله محافظ سوهاج يعنف طبيبة المراغة على السوشيال ميديا، تعرّض المحافظ لهجوم حاد من نشطاء ومختصين، وتسبب حديث المحافظ مع الطبيبة في غضب الكثير من الأطباء.
وأصدرت نقابة الأطباء المصرية بيانا رسميا عبرت فيه عن رفضها التام لطريقة حديث المحافظ مع الطبيبة.
وقالت النقابة، فى البيان، إنها تتابع عن كثب واقعة تعنيف محافظ سوهاج لإحدى طبيبات مستشفى المراغة المركزي، وهو ما ظهر جليا في فيديو تداولته صفحات التواصل الاجتماعي.
واستنكرت نقابة الأطباء وأدانت بشدة تصرفات محافظ سوهاج، مؤكدة أنها تنسق مع نقابة أطباء سوهاج لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للدفاع عن الطبيبة، وحفظ حقوقها.
فيما أجرى الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، اتصالا هاتفيًا، بالطبيبة «سمر أنور»، بمستشفى المراغة، وذلك على خلفية ما تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واستقبل وزير الصحة والسكان، وأسرتها، تقديرا لأهمية دور الأطباء في المنظومة الصحية.
وعلق رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي على الواقعة بعد تداول الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واعتذر لطبيبة المراغة «سمر أنور» قائلا: «كمسؤولين تنفيذيين نحرص على تحقيق رضا المواطن، ومن حق المحافظ أن يحقق أفضل خدمة للمواطن، ولكن دون تجاوز في حق العاملين في الدولة، وإذا حدث تجاوز أنا أقول لها: حقك عليا، ولن نسمح بأي تجاوز»، وفي جلسة البرلمان المخصّصة للتصويت على برنامج الحكومة، اعتبرت النائبة مايسة عطوة اعتذار رئيس الحكومة للطبيبة «رسالة احترام للمرأة المصرية».
سيدة الخبز بالدقهلية
ومن محافظ سوهاج إلى محافظ الدقهلية، اللواء طارق مرزوق، والذي تلقى النصيب الأكبر من النقد بعدما ظهر في مقطع فيديو لحظة دخوله منزل سيدة مسنة في مركز «أجا» والتفتيش بنفسه عن أكياس الخبز وصادرها وهو ما اعتبره البعض تجاوزا قانونيا.
وآثار فيديو محافظ الدقهلية، خلال جولته الميدانية بمركز أجا، واقتحامه منزل السيدة المسنة لمصادرة أكياس الخبز من منزلها، موجة غضب عارمة بين المواطنين في الشارع المصري، الأمر الذي أدى لتبرير المحافظ فعلته بأن السيدة حصلت على كمية كبيرة من الخبز أكثر من حصتها الرسمية، وأنه لم يقتحم منزلها، بل شاهدها مصادفة وهي تحمل الأكياس في الشارع، ولكن اتّضح لاحقًا أن السيدة تجمع بطاقات التموين من جيرانها لتشتري لهم الخبز، مقابل الحصول على بعض الأرغفة الإضافية.
وفي أسيوط، اصطحب اللواء هشام أبو النصر، محافظ الإقليم، مراسلين في إحدى جولاته، لالتقاط الصور وهو يشتري النعناع من بائعة متجولة، فتحوّل الفيديو إلى مادة للسخرية وسط انتقادات لتجاهله المشكلات الحقيقية في المحافظة.
واستقبل المواطنون على مواقع التواصل جولات المحافظين الجدد عقب تسلمهم مهام عملهم في الولاية الثانية لحكومة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، ومواقفهم مع المواطنين في الشارع المصري بانتقاد شديد، واعتبروها محاولة فاشلة لافتعال لقطات مصطنعة، توحي للقيادة السياسية بأنهم يمارسون مهامهم على أكمل وجه.
حلول حقيقية أم استعراض للقوة
وتعليقًا على ذلك، تقول النائبة مها عبد الناصر عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي: «نتمنى أن المحافظين عندما يقومون بجولات ميدانية أن لا تكون هذه الجولات بغرض استعراض القوة أو أن يظهروا أنهم موجودين على الأرض، أتمنى أن أي محافظ عندما يقوم بعمل جولة ميدانية ويلاقي طوابير مرضى لا من حقه يتخانق أو يزعق مع دكاترة أو يأمر وينهي، لكنه يجب عليه أن يتدخل لبحث المشكلة بنفسه ويحاول إيجاد حلول لها بشكل عاجل».
وتضيف عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أن المطلوب من كل محافظ أن يبحث عن المشكلات بمحافظته دون «الشو الإعلامي»، ودون تصوير الفيديوهات ونشرها على السوشيال ميديا، مؤكدة أنه على المحافظ أن يكون هو المسؤول الفعلي لإيجاد حلول لمشاكل المواطنين.
وأوضحت أن المحافظ إذا وجد حلًا لمشكلة واحدة كل شهر أو 3 أو 4 أشهر، يشعر المواطنين في هذه الحالة فعليًا بأن المحافظ له تأثير حقيقي على الأرض، لأن الكل يعلم مشاكل محافظته، متابعة: «المحافظون منهم من يأتون وآخرين يرحلون، ولكن قليلا منهم من يحدث تأثيرا لدى المواطنين، فتجد المواطن يثني على المؤثر بعد رحيله من المحافظة والكل يحلف بحياته، نتيجة قدرته على تحسين حياة المواطنين بهذه المحافظة حينما كان على رأس الإقليم».
واعتبرت النائبة مها عبدالناصر، أن فعل محافظ الدقهلية مع السيدة المسنة أو أسلوب تعنيف محافظ سوهاج للطبيبة؛ خطأ كبير والفيديوهات كانت منظرًا سيئًا، وكأنه «شو إعلامي»، مؤكدة أن ما حدث ليس دور المحافظين وغير مقبول أن أي محافظ ينتهك حرمة الحياة الخاصة للمواطنين بأن يدخل بيت أحد، وأيضًا ليس له الحق أن يرفع صوته «يزعق» لأي موظف يعمل مهما كان.
محاسبة المسؤولين بالقطعة
من ناحيته، يقول النائب سليمان وهدان، نائب رئيس حزب الوفد وعضو الهيئة البرلمانية بمجلس النواب، إن ما حدث بشأن الواقعتين للمحافظين، خلال جولاتهما، يعد أعمالا فردية، مؤكدًا أنه لا يجوز محاسبة المسؤول على عمل فردي، قائلًا: «ما ينفعش أحاسب بالقطعة».
ويضيف نائب رئيس حزب الوفد وعضو الهيئة البرلمانية بمجلس النواب، أنه يجب أن ننتظر على أداء المحافظين هذه أعمال فردية، موجهًا المحافظين بالنزول لمتابعة مهامهم، وأمامهم 3 أشهر لكي يتم محاسبتهم لكن لا يمكن محاسبة المسؤول بالقطعة.
ويشير «وهدان»، إلى أنه يجب على المحافظين النزول إلى الشارع ليحتك بالمواطنين، خاصة المناطق الشعبية والأكثر ندرة في الخدمات، ويكون لديهم عدالة في توزيع التنمية الموجودة بالمحافظة، مؤكدًا على اهتمام المحافظين بالمواطن والسعي لخدمته؛ لا الاهتمام بالطرق الرئيسية فقط.
فرض حسن النوايا
واتفق معه في الرأي، النائب وليد فتحي فرعون، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، مؤكدًا أنه لا يجب الحكم على أداء المحافظين قبل مرور شهر أو شهرين، حتى يأخذ كل ذي حق حقه، وأيضًا نكون منصفين في الحكم على أداء كل محافظ منهم.
ويضيف عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أنه يجب أن نفرض حسن النية مع ما حدث من محافظ الدقهلية، بأنه لا يأخذ باله بأن السيدة تجمع العيش لجيرانها من أجل أن تتحصل على 20 جنيها من بيت منهم في الشهر، وهذه حقيقة الواقعة، لكن أذكر شهادة حق لهذا الرجل بأنه منذ توليه مسئولية المحافظة أحدث حركة في كل المراكز؛ حتى أن الكل يشهد له بأنه حرك المياه الراكدة، وهذا أمر جيد ويحسب له في بداية توليه زمام الأمور بالمحافظة.
ويكمل: يحسب لمحافظ الدقهلية عملية النظافة بشوارع المحافظة، والسيطرة على الأسواق من خلال جولاته المفاجئة على الأسواق، الأمر الذي يؤدي رسالة رعب للمخالفين والمتقاعسين عن أعمالهم، فضلا عن أن كل الجهات التنفيذية بالمحافظة تعمل له ألف حساب خوفًا من حضوره المفاجئ؛ إذن تجد أن الكل يعمل شغله على أكمل وجه.
ويعتبر «فرعون» جولات المحافظين، خلال الأيام الماضية، بأنها «كارت تنبيه للمخالفين وتحفيز للذين يعملون»، مشيرًا إلى قيام بعض المحافظين بمكافأة من يستحق المكافأة من التنفيذيين، ومعاقبة منهم من يستحق العقاب سواء بالإقالة أو الإحالة للتحقيق، فهذه أمور جيدة وتستحق الثناء.
محمد سيد ستيب