قصة الخلاف السنوي بين السلفيين والمؤسسات الدينية حول شرعية الاحتفال بالمولد النبوي
يتجدد الخلاف في كل عام حول حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بين مؤيد ومعارض بالرغم من أن دار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف، حسموا هذا الخلاف بمجموعة من الفتاوى الصحيحة والمؤصلة شرعا.
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الاحتفال بالمولد النبوي يستحب بكل أنواع العبادات من ذكر وصلاة على النبي المختار وصوم وقراءة للقرآن وأن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم ليس ببدعة مذمومة كما يدعيه البعض.
ونبهت دار الإفتاء في فتوى لها، من أن التهنئة بهذا الشهر من الأعمال الصالحة لما فيه من عظيم نعمة الله على عباده، منوهة بأن المظاهر الدينية للاحتفال بذكرى مولد النبي الشريف؛ كقراءة القرآن الكريم، وتلاوة السيرة العطرة، وإحياء مجالس الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والإنشاد بمدائحه الكريمة وشمائله العظيمة، كل ذلك جائز ومستحب شرعًا.
وأضافت دار الإفتاء، أن المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوي هو تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإعلانًا لفرحنا بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.
مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي
من جانبه، أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يُعدُّ مظهرًا من مظاهر شكر الله تعالى على نعمة المولد، وقد سنَّ لنا سيدنا رسول الله بنفسه جنسَ الشكر لله تعالى على ميلاده الشريف؛ فقد صحَّ أنه كان يصوم يوم الاثنين، فلما سُئل عن ذلك قال: «ذلك يومٌ وُلِدتُ فيه». [ أخرجه مسلم].
وتابع مركز الأزهر: وإذا ثبت ذلك، وعُلِم؛ فمن الجائز للمسلم -بل من المندوبات له- ألا يمرَ يومُ مولدِه من غير البهجة والسرور والفرح به، وإعلانِ ذلك، واتخاذِ ذلك عُنوانا وشعارًا، وقد تعارف الناسُ واعتادوا على أكل وشراء أنواعٍ من الحلوى التي تُنسب إلى يوم مولدِهِ ابتهاجًا وفرحةً ومسرَّةً بذلك، وكلُّ ذلك فضلٌ وخير، فما المانع من ذلك؟!
شراء حلوى المولد النبوي
وتساءل: ومن يجرؤ على تقييد ما أحله الله تعالى لخلقه مطلقًا؟!، والله تعالى يقول:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ…} [الأعراف: 32].
كما تساءل: وما وجه الإنكار على إعلان يوم مولده شعارًا يتذكَّر المسلمون فيه سيرته، ويراجعون فضائلَه وأخلاقه، ويَنْعَمون فيما بينهم بصلة الأرحام، وإطعام الطعام التى حثَّ عليها صاحبُ المولِدِ الأنورِ.
وعليه؛ فلا بأس بشراء وأكل حلوى المولِد النبويِ الشريف، والتوسعة على الأهل في هذا اليوم من باب الفرح والسرور بمقدِمه للدنيا، وقد أخرج الله تعالى الناسَ به من الظلمات إلى النور.
فتاوى سلفية
وانتشرت عبر مواقع وصفحات التيارات السلفية فتاوى تحرم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فقد نشر أحد المواقع السلفية فتوى ذكر فيها،أن احتفال المولد النبوي لم يأمر به الشرع، ولم يفعله أحد ممن أمِرنا بالاقتداء بهم، من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم، والتابعين لهم بإحسان من أئمة هذا الدين في القرون الأولى المفضلة كالأئمة الأربعة وغيرهم. فنقول: هل كان هؤلاء يصدون عن الخير، أو يغفلون عنه، ويزهدون فيه، وهل كانوا يقصرون في حلق الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وتعليم وتذكير الأطفال بنبيهم صلى الله عليه وسلم ؟! أم إن هذه الفضائل والشعائر لها طرق شرعية كثيرة كانوا يؤدونها من خلالها، ونحن لهم تبع، وعلى طريقتهم نسير، وبهديهم نقتدي.
مشايخ السلفية والمولد النبوي
ومن أبرز من حرموا احتفالات المولد النبوى الشريف من التيار السلفى كان الشيخ عبد المنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة السلفية، حيث قال فى مقال له عبر الموقع الرسمى لـ “الدعوة السلفية”: “لا أعلم لهذا المولد أصلًا فى كتابٍ ولا سنةٍ، ولا ينقل عمله عن أحدٍ مِن علماء الأمة؛ الذين هم القدوة فى الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بدعة أحدثها البطالون، وشهوة نفس اغتنى بها الأكالون”.
من جانبه قال الشيخ سامح عبد الحميد، الداعية السلفى، فى بيان له، إن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة محدثة، حيث لم يحتفل النبي صلى الله عليه وسلم بيوم مولده، ولم يحتفل الصحابة بالمولد النبوي، وهذه احتفالات غير شرعية.
وقال الداعية السلفى، إنه يجب الابتعاد عن المشاركة في هذا الاحتفال بأى وجه من الوجوه، فلا ينبغى التعاون مع المحتفلين فى إقامة احتفالهم، أو أكل الحلويات التى يوزعونها، أو شراء حلوى المولد في زمن الاحتفال به، فذلك يُعتبر نوعًا من المشاركة فيه ؛ وكذلك هو من الإعانة والترويج له.
وفى إطار متصل، قال الداعية السلفى حسين مطاوع، إن القاعدة عند أهل السنة أن العبادة توقيفية بمعنى؛ أنه لا يجوز لأحد أن يتعبد لله بشىء لم يشرعه الله، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أحق الناس بأن يحتفل بمولده إن كان ذلك جائزا، بل كان صحابته من بعده هم أحق الناس بالاحتفال بنبيهم صلى الله عليه وسلم لأنه أقرب الناس وأشدهم حبا له، ومع ذلك فلم يثبت عنهم أن احتفلوا بهذا المولد.
وأوضح الداعية السلفى فى بيان له: “نحن نسأل المحتفلين بهذا المولد:هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن في هذا الاحتفال خير أم شر؟، فإن قالوا كان يعلم أن فيه خير فنقول لهم: لماذا لم يحتفل به هو نفسه صلى الله عليه وسلم؟، وإن قالوا شر فنقول لهم: لماذا إذا تحتفلون أنتم به؟
وتابع الداعية السلفى: “أما بخصوص الحلوى: فليس هناك عاقل يقول بتحريمها ولكن تخصيصها بيوم معين واعتقاد أهميتها فيه هذا هو الممنوع وهو البدعة لأنه يفتح بابا لأن يستحسن كل أحد ما يهواه وينسبه لدين الله َ، فالدين أكمله الله ولسنا بحاجة لأمر لم يشرعه الله ولم يبينه رسوله صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد.