سيناريوهات اشتعال الحرب السودانية على حدود مصر الجنوبية
بعد سقوط «ود مدنى» فى يد «حميدتى»..
لم تمر عملية سقوط مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة السودانية في يد قوات الدعم السريع التابعة لـ«حميدتي» بعد انسحاب الجيش السوداني منها، مرور الكرام على دول الجوار، بل دقت ناقوس الخطر خاصة على حدود مصر الجنوبية، بعدما أصبحت مصر الملاذ الآمن الأول أمام النازحين للانتقال إليها.
وكانت ود مدني إحدى الولايات التي تصنف كولاية آمنة، حيث لم تشهد اشتباكات منذ بداية الحرب، كما أنها كانت تلقب بـ«قلعة النازحين»، مما يفاقم من سوء الأوضاع الإنسانية وينذر بموجة لجوء عارمة إلى دول الجوار وعلى رأسها مصر.
ويطلق السودانيين على مدينة ود مدني لقب «قلب السودان»، وذلك لأنها تقع في وسط السودان على ارتفاع 409 أمتار فوق سطح البحر، وهي إحدى المدن الواقعة على الضفة الغربية للنيل الأزرق الذي ينبع من منابع النيل الموسمية داخل الهضبة الحبشية، وداخل مشروع الجزيرة الزراعي الشهير، وهو المشروع الذي أصبح عماد الاقتصاد السوداني بعد الاستقلال، والمكون من آلاف الأفدنة الخصبة التي خصصت في الأصل لزراعة محصول القطن ثم أصبحت سلة غذاء السودان ككل، وتبعد عن العاصمة الخرطوم بنحو 186 كيلومترا جنوبًا، وتعد إحدى المدن السودانية الكبيرة.
وكانت مدينة مدني أهم مراكز الإيواء لنحو 4 ملايين من الأطفال والنساء والرجال الذين فروا من العاصمة الخرطوم بعد اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف إبريل؛ لكن بعد دخول الحرب شهرها التاسع تحولت ود مدني نفسها إلى واحدة من أخطر مناطق القتال في البلاد، ونزح أكثر من 300 ألف شخص من ود مدني منذ بدء القتال فيها منتصف شهر ديسمبر الماضي حسب الأمم المتحدة.
وكشف مصدر داخل الجيش السوداني، عن أن مدني لم تسقط بقوة السلاح، ولكن قائد الفرقة أخذ أموالا من الإماراتيين وقام بالانسحاب، وهو ابن عم كيكل أبو عاقلة القائد في الدعم السريع، وكان بينهم مصالح خاصة منذ زمن طويل، وقام باللجوء للسفارة الإماراتية في السودان وهرب أولاده للخارج.
وأوضح المصدر، أن ناظر وأعيان ود مدني باعوا المدينة للدعم السريع، وهو ما اعتبره طعنة في ظهر القوات المسلحة السودانية؛ بسبب الخيانة التي وقعت، لم تدر معارك، وهو شيء طبيعي في الحروب.
سقوط غير مشرف
ووصف محمود إبراهيم، مدير مكتب الحركة الشعبية جناح مالك عقار سابقًا، سقوط مدينة ود مدني بأنه سقوط غير مشرف ولا يشبه الشعب السوداني في تعاضدهم وتماسكهم وفي الطريقة والتعاطي مع الأحداث في المدن والحروب؛ لأن الشعب السوداني معروف بسلميته حتى في التعامل مع العدو، وما حدث في ود مدني كانت انهزامية كبيرة من القوات المسلحة رغم ثقة الشعب في الجيش السوداني، وتم خذلانه واختراق الثقة القائمة بين المواطن والقوات المسلحة.
وأكد «إبراهيم»، أن ما حدث في مدني انهزامية خذلت الشعب السوداني؛ لأنه معروف أن القوات المسلحة المفروض أن تقوم بدورها الإيجابي في تأمين المواطن وحمايته والحفاظ على سلامته وتأمين أرضه وعرضه وماله، والآن سقوط مدني جرد المواطن من حمايته.
وأضاف مدير مكتب الحركة الشعبية جناح مالك عقار سابقًا: «لإعادة بناء الثقة بين المواطن السوداني والقوات المسلحة يجب إعادة تحرير ود مدني وكل المدن التي سقطت بعد الخرطوم مباشرة».
تحقيق لكشف أسباب الانسحاب
وكشف محمد حسن حلفاوي، الصحفي والإعلامي من الخرطوم، أن الوضع كارثي في السودان بعد سقوط مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة في يد قوات الدعم السريع.
وأكد «حلفاوي»، أن الدعم السريع تقوم بنهب السيارات وهواتف المواطنين والأموال، وهناك جرائم ترتكب من سلب ونهب واغتصاب ضد المواطنين.
وتطرق الصحفي والإعلامي السوداني إلى الوضع العسكري، مبينًا أن الدعم السريع سيطر على كامل أحياء المدينة، بينما يتمركز الجيش السوداني خارج المدينة.
وبين «حلفاوي»، أن الجيش اعترف أنه حدث انسحاب وهناك تحقيق حول الأسباب مع القائد، مشيرًا إلى أنه من الصعب معرفة السبب لكن ما حدث كان مفاجئا جدًا، وهو إخلاء مدينة كاملة بشكل سريع دون مقاومة الهجوم.
وأوضح الصحفي والإعلامي السوداني من الخرطوم، أن هناك لجوءا غير مسبوق إلى مصر بدأ الشهر الماضي، ويتوقع أن ترتفع الأعداد خلال الفترة القادمة ما لم يتوقف القتال، خاصة وأن الدعم السريع يتواجد في الأحياء السكنية بشكل مكثف.
وأشار «حلفاوي»، إلى أن نظرية الولايات الآمنة انهارت، وذلك لأن الدفاع عنها لم يكن محكما من الناحية العسكرية.
وأردف «حلفاوي»، أن سقوط ولاية سيؤثر على ما يسمى بالولايات الآمنة عبر النزوح والضغط على الخدمات وانهيار الوضع الإنساني وسهولة الهجوم عليها.
نفخ الإخوان فى نار الحرب
فيما كشف شهاب إبراهيم القيادي بقوى الحرية والتغيير، أن عمليات النزوح ستتحول من المدن التي لم تصلها الحرب إلى كل دول الجوار وليس فقط مصر وحدها.
وأكد «ابراهيم»، أنه إذا كان هناك تضرر من توسع هذه الحرب سيكون بسبب الإخوان المسلمين الذين أشعلوا هذه الحرب والآن هم من يقومون بالتعبئة لاستمرار الحرب، مشيرًا إلى أن الجميع سيتضرر لأن تجارب هذه الجماعة أنها تحاول أن تؤثر على دول الجوار وليس ببعيد العلاقات السودانية المصرية التي تضررت بسبب محاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسني مبارك.
محاولات للاسترداد
على الجانب الآخر، قالت أفاق محمد، الإعلامية والصحفية السودانية، إن مدني احتلت بعد انسحاب الفرقة الأولى والتي يشهد لها الجميع بقوتها وتماسكها وتصدت لهجوم سابق للميليشيا، إلا أن سبب الانسحاب غير معروف حتى الآن، معقبة: «ولاية الجزيرة خرجت بشكل كامل من قبضة الجيش، ولكن هناك محاولات من الجيش لاستردادها دون خسائر كبيرة».
وأكدت «محمد»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن ما حدث في ولاية الجزيرة ومدينة ود مدني امتداد لجرائم ميليشيا الدعم السريع في السودان بنفس السلوك الوحشي الذي مارسته الميليشيا من قتل ونهب واحتلال لمنازل المواطنين واغتصابات، متابعة: «الوضع الإنساني في غاية الخطورة خاصة ونحن نواجه موسم الشتاء الذي تكثر فيه الأوبئة وانعدام كامل للدواء».
وأضافت الإعلامية والصحفية السودانية، أنها شهدت بنفسها عددا من البشاعات في الخرطوم مثل اغتصاب النساء والأطفال وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان والدخول إلى المنازل والبقاء فيها بوجود الأسر، واستغلال جنسي للنساء مقابل الأكل والشرب وحدث هذا- أيضًا- في مدني لأن ميليشيا الدعم السريع مكونة من جنسيات مختلفة تتعامل مع المواطن بقسوة وحقد مبالغ فيه.
وأوضحت، أن ميليشيات الدعم السريع احتلوا كل شيء من مستشفيات ومدارس وقتلوا الأطباء ونهبوا المستشفيات واحتلوها ودمروا وخربوا المدارس والجامعات.
وبينت الصحفية والإعلامية السودانية، أن هناك نزوحا بصورة يومية من مدينة ود مدني للولايات المجاورة، مثل ولايات القضارف، كسلا، سنار، الدمازين، بورتسودان، وبعض دول الجوار التي سهلت إجراءات الدخول.