عرب

سيناريوهات تقسيم سوريا إلى 3 دويلات بعد سقوط بشار الأسد

تشهد الدولة السورية تطورات سريعة ومتلاحقة، خاصة بعد إعلان التلفزيون الرسمي السوري، منذ أيام، سقوط نظام بشار الأسد، وسيطرة الفصائل المسلحة على المدن، وصولًا إلى العاصمة دمشق.

ومع انسحاب الجيش السوري من العديد من المناطق الحدودية، بدأت إسرائيل بخطوات غير مسبوقة لتوسيع وجودها في سوريا، حيث سيطرت قواتها على منطقة جبل الشيخ السورية وأعلنت إنشاء منطقة عازلة، الأمر الذي يطرح تساؤلات كثيرة، لعل أبرزها وأهمها: سوريا إلى أين وما مصيرها؟، وهل سيتم تقسيمها بالفعل؟، هل يمكن محاكمة بشار الأسد كمجرم حرب؟ وما تأثير سقوطه على مصر والعالم العربي؟ وما موقف الولايات المتحدة الأمريكية من هذه الأحداث؟

وبشار الأسد هو شخصية محورية في الحرب الأهلية السورية التي بدأت في عام 2011، حيث واجه احتجاجات شعبية كبيرة في بداية الثورة السورية، والتي تطورت لاحقًا إلى صراع عسكري شامل، وخلال السنوات الماضية، تمكن الأسد من البقاء في السلطة رغم الضغوط الداخلية والخارجية الهائلة، وذلك بفضل دعم حلفائه الرئيسيين مثل روسيا وإيران، فضلًا عن استراتيجيته العسكرية التي تشمل الهجمات العنيفة ضد المعارضة ولكن بعد 13 عاما سقط النظام، وأقيم في موسكو بعد أن منحته هو وعائلته حق اللجوء في بلادها.

وفيما يتعلق بموقف مصر تجاه الأزمة السورية أكدت وقوفها إلى جانب سوريا، ودعمها لسيادتها ووحدة أراضيها، وذلك بعد دخول فصائل المعارضة المسلحة إلى دمشق ومغادرة الرئيس بشار الأسد البلاد.

وقالت وزارة الخارجية، في بيان سابق، إنها تتابع باهتمام كبير التغير الذي شهدته سوريا الشقيقة، وتؤكد وقوفها إلى جانب الدولة والشعب السوري ودعمها لسيادة سوريا ووحدة وتكامل أراضيها.

وفي السياق، قال محمد صادق إسماعيل، أستاذ العلوم السياسية ومدير المركز العربي للدراسات السياسية والاقتصادية، إن ما يحدث في سوريا هو استمرار لحالة عدم الاستقرار السياسي التي شهدتها منذ عام 2011، بمعنى ما بعد هذا العام السابق ذكره حدث نوع من الثورة، مؤكدا أن أطرافا كثيرة من الشعب السوري لم تكن راضية عن هذه الثورة.

وأضاف «صادق»، أن بعض الأطراف السياسية والحركات المجتمعية حاولت القيام بثورة للتخلص من النظام الحاكم والبحث عن السلطة، إضافة إلى دخول جماعات إرهابية وفصائل معارضة وبعض مكونات الشعب السوري مثل جماعة الأكراد، وجماعات تتبع النظام الإسلام السياسي، مشيرا إلى أن كل هذه الجماعات خلال الـ13 عاما الماضية لم تستطع الحصول على التفاوض، أو وضع خطة لإدارة الدولة السورية، أو مشروع مستقبلي يتوافق عليه الجميع ولكن كان هناك خلاف مستمر مع هذه الفصائل.

وتابع أن الأسبوع الماضي شهد قيام جبهة تحرير الشام تحديدا الذي يقودها الجولاني لمحاولة السيطرة على الدولة السورية وتحقق ذلك سريعا، مؤكدا أن كل السيناريوهات المتوقعة سيئة ولا يوجد سيناريو جيد لسوريا ولكنها مرحلة انتقالية ثم الانتقال إلى مرحلة من إعادة الدولة وكتابة الدستور والبحث عن حكومة إنقاذ وطني وصولا بالانتخابات الرئاسية وهذا السيناريو الذي نتمنى حدوثه.

وأكد أنه بالنظر إلى دولة ليبيا نجد أن هذا السيناريو يطرح منذ عام 2011 حتى تاريخه ولا يوجد رئيس لليبيا حتى الآن، لافتا إلى أن السيناريو الآخر المتوقع يتمثل في قيام بعض الجماعات بالتنازع السياسي على الكعكة السياسية وبالتالي لا يكون هناك أي نوع من الاستقرار السياسي وتتحول إلى مشكلة أمنية كبيرة وفوضى داخل الدولة.

وأشار إلى أن السيناريو الأسوأ وهو تقسيم الدولة السورية إلى ثلاث دول أو إلى ثلاث جبهات (الأكراد، السُنة، الشيعة) وهذا سيمثل كارثة على الأمن العربي الإقليمي، إضافة إلى أن إسرائيل ستكون أكثر تهديدا لجماعة الاسلام السياسي والجماعات التي تتبع منهجيات متشددة، مؤكدا أن هناك دورا خارجيا قويا في الأزمة السورية وجبهات كثيرة تتنافس على سوريا.

وأكد أن مصر داعمة بقوة لاستقرار الدولة السورية وبقاء الدولة السورية موحدة، لافتا إلى أن استقرار سوريا يصب في مصلحة الأمن العربي، ولا يوجد تأثير مباشر على مصر بشأن الأحداث السورية.

وتابع أستاذ العلوم السياسية ومدير المركز العربي للدراسات السياسية والاقتصادية، أن محاكمة بشار الأسد كمجرم حرب لها قواعد من تقديم ملف للمحكمة الدولية، والنظر فيه وصولا للمحاكمة، مؤكدا أن الوفاق بين نظام الأسد وروسيا سيحميه، ولا يعلن مكان بشار الأسد حتى الآن.

 المشروع الإيراني

ومن جهته، قال أحمد عطا الباحث السياسي الدولي، إن جزءا من إنهاء المشروع الإيراني في دولة الشام والعراق هو انتقال بشار الأسد إلى روسيا هو وعائلته وعدم ملاحقته أمام الجنائية الدولية، لافتا إلى أن أمريكا تمهد دولة الشام والعراق إلى مشروع الشرق الأوسط الكبير بإدارة إسرائيلية وليس فتح ملفات أنظمة ديكتاتورية مثل نظام بشار الأسد الذي دخل في مواجهات عسكرية مع التنظيمات الجهادية استمرت ثلاثة عشر عامًا.

وأضاف «عطا»: «لا ننسى أن بشار الأسد خزينة أسرار كثيرة لهذا تحرص الإدارة الأمريكية على غلق خزينة الأسرار غلقًا محكمًا حتى لا يتم التشهير تاريخيًا بدول كبرى في حجم أمريكا وإسرائيل»، مشيرا إلى أن بشار الأسد مدان تاريخيًا هو ونظامه وهذا يكفي ولا يحتاج إلى الإدانة الجنائية وهذا ما ترغب فيه ووافقت عليه الولايات المتحدة الأمريكية قبل إسقاطه الذي لم يستغرق عدة أيام.

وأكد الباحث السياسي الدولي، أن الولايات المتحدة الأمريكية مشغولة الآن بترتيب الوضع في سوريا وانتقال سلمي للسلطة المدنية خوفًا على مشروع إسرائيل في المنطقة، لهذا سيظهر على الساحة أكثر من مرشح رئاسي تدعمه أمريكا وإسرائيل دعمًا كاملًا.

الرئيس القادم لسوريا

ومن جانبه، قال اللواء سمير رزق، الخبير الاستراتيجي والعسكري، إن المعارضة السورية هاجمت مدينة حلب، لتتساقط بعدها المدن السورية واحدة تلو الأخرى، مثل قطع الدومينو، حتى سقطت دمشق فجر يوم الأحد الثامن من ديسمبر، بينما غادر بشار الأسد على طائرة، مع عائلته إلى روسيا، التي منحته حق اللجوء السياسي إليها، حيث انتهى حكم أسرة الأسد، بعد خمسة عقود من حكم سوريا.

وتساءل «رزق»، عدة أسئلة عمن سيحكم سوريا في الفترة الانتقالية القادمة؟ ومن هم أعضاء اللجنة التي ستُكلف بوضع دستور جديد للدولة السورية؟ وما موقف السلطة الجديدة في سوريا من الأكراد؟ وموقفهم من تواجد القوات الأمريكية داخل الأراضي السورية، ومثلهم القوات الروسية الموجودة بها، وأهمها القاعدة الجوية والبحرية؟ وما موقفهم من قوات حزب الله الموجودة أيضًا داخل سوريا؟.

وتابع أنه جاء الرد على حكم سوريا بظهور محمد الجولاني أو أحمد الشرع، في شوارع سوريا، متجها إلى الجامع الأموي، حيث ألقى خطبته، لافتا إلى أنه ظهر في مظهر جديد، أو «نيو لوك»، هذب فيه لحيته، ونزع غطاء الرأس، رمز المقاومة الإسلامية، وارتدى ملابس القتال على شاكلة الرئيس الأوكراني زلينسكي، في محاولة لتغيير صورته، ونزع قناع الإرهاب، واستبدله بقناع السياسة، في شكله الغربي.

كما تساءل اللواء سمير رزق: «ماذا لو أصبح الجولاني هو الرئيس القادم لسوريا؟، وكيف ستتعامل معه الحكومة الأمريكية ودول الغرب؟»، معلقا: «هذا الرجل الذي ترك دراسته في طب الأسنان، وزامل أبو بكر البغدادي، مؤسس تنظيم داعش الإرهابي، الذي خرج من رحمه تنظيم جبهة النصرة، الذي أسسه الجولاني، ونفذ به العديد من العمليات الإرهابية، حتى صنفته الولايات المتحدة بـ ”الإرهابي الخطير”، ورصدت عشرة ملايين دولار لمن يُدلي بمعلومات عنه، ولترسيخ صورته الجديدة، وإقناع الخارج بها، أسس الجولاني هيئة تحرير الشام، بدلًا لجبهة النصرة».

أما على الصعيد الداخلي، أكد الخبير الاستراتيجي أنه بعد تكليف رئيس الوزراء السوري، في عهد بشار الأسد، وأعضاء حكومته، بالاستمرار في إدارة العمل في سوريا، وهو ما كان من شأنه ضمان الاستقرار النسبي في الأوضاع، إذا به يتراجع عن ذلك بتكليف محمد البشير، الذي كان معه من قبل في إدلب، رئيسًا للوزراء، في الفترة الانتقالية، لحين إجراء الانتخابات.

ولفت إلى أن الجميع يتساءل عن الأسلوب الذي سيتبعه محمد الجولاني مع الجيش السوري، وإذا ما كان سيتبع نفس النهج الإيراني في إنشاء الحرس الثوري السوري، اعتمادًا على الفصائل التي أوصلته إلى دمشق، بما يضمن له الولاء الكامل.

أما فيما يخص إعداد دستور جديد لسوريا، فأشار اللواء سمير رزق، إلى أن القلق مستمر من تدخل جماعة الإخوان، بصفة عامة للتأثير على صياغة الدستور، وصبغه بصفة دينية متشددة، لتتحول سوريا في المستقبل إلى إيران أخرى كالتي بدأها الخوميني، عندما عاد من فرنسا بعد طرد شاه إيران.

وأكد أن إسرائيل استغلت انهيار الجيش السوري كعادتها، لتتغول على السيادة السورية، وتقتحم الجولان، وتستولي على جبل الشيخ، أهم المناطق الحيوية العازلة، لتسيطر بالكامل على الجولان، والتي كانت قد ضمتها، من قبل، بقرار من الكنيست، حظي باعتماد الرئيس الأمريكي ترامب، خلال فترة ولايته السابقة، كما أعلنت خروجها من اتفاق فض الاشتباك مع سوريا عام 74.

أما عن شكل العلاقات مع الولايات المتحدة، قال إنه تواردت بعض الأنباء عن احتمالات رفع أمريكا لاسم الجولاني من قوائم الإرهاب، لشرعنة التعامل معه، في ظل وجود قواتها في سوريا، خاصة قاعدة التنف العسكرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى