يمكن أن تمر على عناوين بعضها مر الكرام، وربما تتصفح صفحات من البعض الآخر قبل أن تكتشف حقيقة طبيعتها الجدلية بل تفاجئ أنك دخلت إلى حقل ألغام بأكمله، إنها الكتب الأكثر جدلًا داحل معرض القاهرة للكتاب في نسخته الحالية لعام 2024، والذي خيم على أجواؤه ارتفاع أسعار الكتب بشكل جنوني مصاحبًا لارتفاع الدولار، وألهب من فعالية الحملة الإسرائيلية الشرسة على غزة، ينبئك القليل من تكل بطبيعته الجدلية فور قراءتك لعنوانه، وربما البعض منها تكشف شخصية كاتبها عن خطورة ما تحتويه حتى وإن اجتهد أن يخفي من حساسية ما تناقشه يعنوان هادئ إلا أن الحقيقة أن كلها قنابل معدة للتفجير غلى صفحات مكتوبة تنتظر من يقرأها.
النماص.. حكاية يهودي مولود على أرض السعودية
تدور أحداث رواية النماص التي كتبتها الكاتبة السعودية بلقيس الملحم حول طفل يهودي ولدت في المملكة العربية السعودية، وكيف احتضنته الأسرة السعودية ونشأ وترعرع معها، والمواقف التي تعرض لها، وكيف عرف أصوله اليهودية.
كما تطرقت القصة الصادرة عن دار غاف الإماراتية للنشر في معرض القاهرة للكتاب إلى عملية تهجير يهود اليمن والإغراءات التي قدمت لهم لترك أوطانهم وقبولهم بعملية التهجير.
وتقع منطقة النماص في منطقة عسير جنوب المملكة العربية السعودية، وأثارت رواية النماص الكثير من الجدل، وتحدث عنها العديد من الشخصيات الهامة والبارزة في العديد من البلدان العربية، بحبكة مدهشة وبلاغة محكمة تطوف بنا الكاتبة في ربوع الجنوب السعودي، وطبيعته الساحرة، بنائه وهن يسرحن ف أوديته يحتضن العرعر أو يقين النخيل وصولا إلى صنعاء بتفاصيلها وألوانها وروائح القهوة والبخور،هذه الرواية تجربة قرائية تتشعب وتكشف بطريقتها تلك الأرض وذلك الجبل والكلمات والقصص بصياغة متماسكة وبناء سردي.
وقال محمد أل جابر سفير خادم الحرمين الشريفين لدي اليمن، إنه تعد رواية النماص توليفة من الأمكنة والأزمنة وأنماط الحياة التي يألفها أبناء الجبال، حيث تنطلق أحداثها وشخوصها من مدينة النماص الجميلة، لتكون إطلالة تنقل للقارئ أبرز العادات والتقاليد واللهجات السائدة في المملكة واليمن وما تعرضه من صور التعايش والترابط والتواصل بين أبناء البلدين وما تظهره من ملامح التباين والاختلاف أيضًا لتبقي النماص خاصة والمملكة عامة بريق العنوان، ويستأثر بنهاية الرحلة التي ستبقي مستمرة ومتواصلة بين بلدين يتشاركان التاريخ والجغرافيا والعادات والمطر
الحاخام الأخير.. آخر رجال الدين اليهود في مصر
جاءت أخطر “القنابل الموقوتة” داخل المعرض من داخل شوارع المحروسة وهي سيرة “ناحوم أفندي” آخر الحاخامات اليهود في مصر، التي كتبتها الكاتبة سهير عبد الحميد، ولم يكن ناحوم مجرد رجل دين يهودي، ولكنه جاء في أصعب وقت لليهود في مصر على مر تاريخهم، ربما منذ العصر المصري القديم، حيث كان شاهدًا على قيام دولة إسرائيل منذ مراحل الاستيطان الأولى في عشرينات القرن إلى مرحلة الصدام بينها وبين مصر في عصر الرئيس جمال عبد الناصر.
يرسم الكتاب المعروض في معرض القاهرة للكتاب حياة الحاخام اليهودي وعلاقته بدولة إسرائيل الوليدة آنذاك، حيث تولى مهامه بعد سنوات قليلة من الإحتلال الإنجليزي لأرض فلسطين، وعلاقته بالملك فاروق وكبار الساسة المصريين، ليكون شاهدًا على تلك العلاقة بين القصر والأحزاب المصرية في مرحلتهم الأخيرة وبين الطائفة اليهودية، والكثير من العلاقات المتشابكة الأخرى في حياة الرجل.
تدخل في الكتاب إلى دهاليز “ناحوم أفندي” والكثير من الكواليس الغريبة حيث كان الرجل لا يجيد العربية فقط بل عضو في مجمع اللغة العربية، ووقفه من تأييد إسرائيل ومشروعها، وكان الفصل الأصعب من حياته عندما بدأ الصدام بين القاهرة وتل أبيب.
ثلاثة أمهات وثلاثة بنات.. قصص فلسطينيات بعيون يهودي أمريكي
ألهبت الحرب الإسرائيلية على غزة معرض الكتاب هذا العام، وتصدرت الكتب التي تتحدث عن فلسطين مبيعاته ولكن “ثلاثة أمهات وثلاثة بنات” الصادر عن دار غاف الإماراتية لم تكن مجرد مجموعة قصص من فلسطين، ولكنها حملت المتناقض و”المثير للجدل” في كون أحد كتابها “مايكل غوركن” يهودي الديانة ينتمي إلى العقل المدبر للسياسة الإسرائيلية وهي الولايات المتحدة الأمريكية.
يجسد الكتاب المعروض في معرض القاهرة للكتاب الذي كتبته الكاتبة المسلمة “رفيقة عثمان” واليهودي “مايكل غوركن” الحياة اليومية للفلسطينيين تحت قيد الإحتلال الإسرائيلي، والمثير للدهشة أن الكتاب ليست قصص من وحي الخيال بل هي 6 قصص واقعية لنساء فلسطينيات، تولى غوركن ورفيقته نقل تفاصيل حياتهن الشائكة التي ذكر غوركن بدقة أسماء أبطالها وأين عاشوا.
لم يكتفي غوركن بسرد مجرد قصص لبعض النسوة، والتي رويت كل منهن حكايتها وما واجهته كل منهن في حياتها من الطفولة إلى الزواج والإنجاب، بل حول تلك السير لنوافذ يرى منها العالم الإنتهاكات التي يمارسها بني ديانته من حكومة الاحتلال، حيث حول بعض العبارات التي تتناهى إلى أسماعنا مثل “المقاومة” و”جمود المفاوضات” وخطر “ذوبان الهوية” إلى واقع معاش نلتمسه في حياة سيدات عاديين ولكن في واقع نسج الإحتلال كل مقوماته، وشكلت قيوده صرخات المعاناة اليومية لهن، خاصة عمليات التهجير وتدمير المنازل أو إستيلاء قوات الاحتلال عليها، فكانت القصص نقل حقيقي للمعاناة اليومية التي تعيشها السيدة الفلسطينية في ظل الممارسات الإسرائيلية، رغم أن آخر القصص المروية تعود إلى عام 1995 حيث كان حلم “دولة فلسطينية” قريب المنال، ولم يتشكل الواقع بقسوته الحالية.
شكلت عملية ترجمة القصص من نسختها الإنجليزية مغامرة لا تقل في صعوبتها عن معاناة النسوة المروي حكايتها، منذ أن بدأت أمل اسماعيل المترجمة الفلسطينية الشروع في عملها ببلاد المهجر وكيف أثارت الرسالة الجدل داخل جامعتها، كانت العقبة الحقيقية التي واجهتها هي السماح بالنشر من مؤلفي الكتاب ورفضهم ذلك لأن نسوة الكتاب روين قصصهن عندما علمن أنها ستنشر بالإنجليزية ولن يعلم عنها أسرهن وذويهن شيئًا، ولذلك ظل الكتاب بعيدًا عن متناول القارئ العربي حتى جاء الإذن بعد 20 عامًا من ترجمته الجامعية الأولى.
حلو مر.. تفسير الصراع الحالي في السودان بقلم دبلوماسي مصري
لا يمكن أن تتخطى عيناك رواية “ألحلو مر” في معرض الكتاب وألا تدرجها من الراويات المثيرة للجدل، رغم أنها تتحدث عن السودان بقلم شخص غير سوداني، إلا أن القصة تعطي تفسير دقيق وعميق لما يعيشه السودان من صراعات في الحرب الحالية بشكل أبلغ مما كتبه السودانيون أنفسهم.
لم يكن محمد مصطفى عرفي كاتبًا عاديًا ولكنه كان سفير لمصر في عدد من الدول ومندوب مصر الدائم لدى الجامعة العربية، مما يجعله قريبًا صناع القرار والفاعلين الرئيسيين فيما وصلت إليه السودان، مما لا يجعل الرواية مجرد محض خيال ولكنها مبنية عن معلومات دقيقة للوضع، رواها على لسان أبطاله الباحث المصري محمود مصطفى كمال، أو مايكل هسلر الأستاذ في جامعة لندن، والخبير بشؤون الشرق الأوسط، وكذلك محجوب، السكرتيرًا السابق بسفارة السودان في لندن، الذي حوله نظام الإنقاذ إلى عامل في مطعم هندي.
تعطي الرواية صورة مكتبة وإجابات شافية للوضع الحالي الذي تمر به السودان رغم أن أحداثها تدور في مرحلة التسعينات وقت ذروة حكم الحركة الإسلامية للبلاد، وتتحدث باستفاضة عما فعلته الحركة في البلاد ودور أجهزة الأمن، والأحزاب والتيارات السياسية الرئسية بالبلاد.
وتطرقت الرواية إلى الحياة الإجتماعية وعلاقتها بالواقع السياسي ومنه يأتي اسم الرواية “الحلو مر” وهو لمشروب سوداني شهير لا يخلو منه منزل لا سيما في رمضان، كما تحدث عن دور أجهزة المخابرات الدولية في إدارة الأوضاع في السودان وعلاقتهم بأصحاب السلطة في البلاد.
يوميات طالب في قبضة داعش
يقدم الطالب الكردي محمد عز الدين تمو تجربته الذاتية في وقوعه في أسر تنظيم داعش الإرهابي في شمال سوريا، يتحدث الطالب بشكل مفصل عن تحركات داعش ومعاملة التنظيم لهم ومعاناته في الأسر.
يمتلئ الكتاب الصادر من دار النخبة بالكثير من التجارب المرعبة والمؤلمة التي مر بها الطالب خلال أسره من تنظيم داعش، والتي حدثت لهم رغم كونهم طلاب ومسلمين ومسالمين وحالوا قدر الإمكان الإلتزام بتعليمات التنظيم أثناء الأسر، مما يعطي صورة حقيقية دون تهويل أو تهوين لعقلية عناصره وتعاملهم اليومي.
يلخص تمو معاناته بأن عناصر داعش أوجدوا الجحيم الحقيقي على الأرض وأنه حلق من احتراق إلى آخر ومن غرق إلى آخر، وما بين دفتي الكتاب رحلته من بيته طالبًا إلى العودة إليه مرة أخرى محررًا.
بينما كشف أسامة إبراهيم، الناشر في دار النخبة، أن المذكرات تعبر عن تجربة حقيقية عاشها الكاتب مع تنظيم داعش وهو أسير بين يديهم، وتكشف الوجه الحقيقي للتنظيم.
وأكد إبراهيم في تصريحات خاصة لـ “النبأ”، أن القصة تعتبر واحدة من عدد من الإصدارات والعناوين الكردية التي تنشرها الدار وذلك ما بين روايات ومذكرات وحتى كتب سياسية.
الشامخات..قصص فتيات حملن السلاح في وجه إثيوبيا
يعد كتاب الشامخات من أهم الكتب التي جسدت قصص مناصلات ابدعن في التصدي لإثيوبيا، وناضلان من أجل استقلال بلادهن وشاركن في العمليات الفدائية، ونلن قسطهن من السجن والتعذيب، وسقط العديد منهن شهيدات، وتركن بصمات واضحة خلال الثورة الارتيرية.
تعد من أبرز المناضلات التي سرد الكتاب قصصهن منهن المناضلة سعدية محمد حامد، التي انخرطت في العمل السري، وبدأت توزع المنشورات، وكانت معها المناضلة زينب محمد موسي وكانوا يجتمعوا في بيتها، وكانوا يسلمون المنشورات أو التعليمات للأشخاص المعنيين.
بينما كان دور المناضلة نسريت كرتار تجميع العون والمساعدات، وبعضهن حمل السلاح مثل المناضلة رحمة صالح وجمعة عمر وشاركن في معركة قرن، بل والبعض قمن بعمليات فدائية.
شرينة..اليد الخفية لانتشار الطاعون في بلاد الخليج
“أيش لونك” جملة تتناقلها الأجيال في منطقة الخليج العربي دون أن يدركون أنها كانت مرتبطة بمرض الطاعون، ودون أن يدرون من الفاعل الحقيقي الذي ساعد في تفشي الوباء بين أجدادهم
تسرد رواية شرينة للكاتب البحريني يوسف البنخليل ثلاثة ألوان في بلدان الخليج العربي، هم الاصفر والأحمر والأزرق، وهي الوان من أصيب بالطاعون، وبقي اللون الاحمر والازرق يتصدران هذه الدول، ومحي اللون الأصفر دون عودة، حيث تتحدث الرواية عن تلك الفترة الحرجة في تاريخ منطقة الخليج وكيف مزق المرض اوصاله.
يتحدث الكاتب في رواية شرينة عن التاجر اليهودي فرانسوا الخبيث الذي كان كلمة السر في تفشي مرض الطاعون الذي رفض بيع ثمينهم، فقرر الانتقام، وكان انتقاما مريعا
ويبقى الأثر..مسيرة نائب مصري شاب خطفه الموت
يبدو الكتاب في طياته عاديًا عن سيرة أحد نواب البرلمان المصريين من الشباب، ولكن أجواء الكتاب تخبرك بشيئ آخر لا يمكن فهمه إلا عندما تتعرف على الظروف المحيطة به، وذلك عندما تقترب أكثر فأكثر من قاعة بلازا “1” في معرض الكتاب لتجد كوكبة من السياسيين المصريين من برلمانيين وسياسيين من تنسيقية شباب الأحزاب يمسحون دموعهم خلال مناقشة كتاب وهو مشهد ليس مألوفًا على قامات سياسية في مصر.
لا تستطيع أن تفصل بحر المشاعر الجم عن صفحات الكتاب الذي يتحدث عن البرلماني المصري الشاب محود زيدان الذي خطفه الموت في سن مبكرة من وسط زملاؤه بالبرلمان، بعضهم لا يزال يتردد في أذنه كلماته القوية التي كان يلقيها في أروقته.
تمتلئ صفحات الكتاب بعمل إنجازات في فترة وجيزة لا يمكن أن تتوقع أن ينجزها نائب شاب لم تتعدى مشاركته في مجلس النواب دورتين برلمانيتين، وسط قامات كبيرة تكبره سنًا وخبره سياسية، لتجد نفسك أمام قصة نجاح مكتملة الأركان أوقف الموت رحلتها القصيرة.
عروس أمريكية في كابل..محنة زوجة غربية في حاضنة طالبان
ويتحدث العالم عن سيطرة تنظيم طالبان على مقاليد الحكم في أفغانستان، ولكن مذكرات سيدة أمريكية مثيرة للجدل تعيد اكتشاف هذه المنطقة من العالم التي أصبحت محور الأحداث وتصدرت عناوين الصحف في شتي بقاع الكرة الأرضية
كانت فيليس فتاة أمريكية عادية وقعت في حب طالب امريكي ثري ليقرران الزواج، لتنقلب حياتها راسا على عقب عندما عادت الزوجة مع زوجها إلى أفغانستان.
تروي فيليس بمذكراتها التي نشرتها وترجمتها للعربية دار مدى العراقية، محنة استمرت لنصف قرن، بداية من تعامل السلطات معها وسحب جواز سفرها، وتعامل أسرة زوجها التي حاولت إجبارها على تغيير ديانتها من اليهودية للإسلام، وكيف ناضلت من أجل انتزاع حقوقها، مما يعطي فكرة كاملة عن المجتمع الحاضن لحكم طالبان حاليًا.
“الرعي..الحدود والنزاعات”.. من قلب المنطقة الشائكة بين شمال السودان وجنوبه
تمتلئ دور النشر بمعرض الكتاب بالكتب التي تتحدث عن القضايا السياسية والمشكلات والنزاعات بين الدول، والتي كتب بعضها سياسيين ودبلوماسيين سابقين وربما حاليين، ولكن تأتي أهمية كتاب “الرعي..الحدود والنزاعات” أن كاتبه هو وزير الاستثمار الجنوب سوداني ضيو مطوك ديننق وول، والذي أصدر الكتاب وهو على رأس عمله ليناقش قضية في غاية الحساسية والخطورة بين السودان وجنوب السودان، خاصة وأن الوزير قريب أيضًا صناع القرار في الخرطوم حيث كان سكرتير لجنة الوساطة في محادثات السلام السودانية، وحصل على جائزة الفيدرالية العالمية للسلام عام 2020 لدوره في الوساطة بين الأطراف المتحاربة بالسودان.
لا يوحي اسم الكتاب بخطورة المادة بين دفتيه، ولكنه يتحدث عن منطقة “الميل 14” المتنازل عليها بين السودان وجنوب السودان، ويورد الكثير من الأدلة والوثائق والمستندات الخاصة بالموضوع، بشكل دقيق ومحدد، وعرض لجميغ الإتفاقيات التي رسمت الحدود بتلك المنطقة.
