سيناريوهات اشتعال حرب إقليمية بين إسرائيل وإيران
تصاعدت الحرب بين إسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان، في الفترة الأخيرة، حيث استهدفت الأولى كبار قادة حزب الله لاغتيالهم، كما سنتطرق إلى الذكاء الاصطناعي في «حرب الهواتف المحمولة»، مما آثار الكثير من التساؤلات حول إمكانية توسع ذلك إلى حرب شاملة وهجوم بري، والخوف من تدخل إيران لمساندة حزب الله اللبناني وتحول الحرب إلى حرب إقليمية دون السيطرة عليها.
واتسعت دائرة التساؤلات والخوف والقلق حول الموقف الإيراني بعد هذا التصعيد الإسرائيلي ضد حزب الله، حيث إن الحزب هو جزء أساسي في الاستراتيجية الإيرانية بالمنطقة، وأقوى أذرع طهران، فالكثير يرى أن إيران لن تصمت وسيكون هناك حرب إقليمية كبيرة في المنطقة، فما سيناريوهات الحرب في الفترة المقبلة؟
وبعد الهجوم غير المسبوق الذي فجر آلاف أجهزة النداء “البيجر” واللاسلكي التي يستخدمها عناصر حزب الله الأيام الماضية، بعدة مناطق لبنانية، بدأت إيران في اتخاذ خطوات جديدة، حسبما كشف مسؤولان أمنيان إيرانيان كبيران أن الحرس الثوري أمر جميع أعضائه بالتوقف عن استخدام أي أجهزة اتصال، وقال أحد المسؤولين إن الحرس نفذ عملية واسعة لفحص جميع الأجهزة، وليس فقط معدات الاتصال.
وفي السياق ذاته، حذر عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، إسرائيل من جر المنطقة إلى حرب شاملة، مشددا على أن عملياتها في لبنان لن تمر دون رد.
وقال «عراقجي»، إن جرائم الكيان الصهيوني في لبنان لن تمر دون رد، مضيفا أن النيران بالمنطقة قد تتسع نتيجة سياسة الكيان الصهيوني وخطرها قد يطال الجميع.
ومن ناحية موقف مصر تجاه هذا التصعيد، قال الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة، إن مصر تشعر بقلق بالغ من احتمالية تصاعد الوضع ليصل إلى حرب شاملة، مما سيؤدي إلى تقويض الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق هدنة في قطاع غزة.
وحذر «عبد العاطي» من الآثار السلبية التي قد تترتب على النزاع القائم على الحدود اللبنانية الإسرائيلية وتأثيره على مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، في حين يبدو للمراقبين أن أفق الهدنة أصبح بعيدًا أكثر من أي وقت مضى.
ورغم أن جميع العناصر الضرورية للتوصل لاتفاق موجودة”، أشار وزير الخارجية إلى أن المشكلة تكمن في غياب الإرادة السياسية من الجانب الإسرائيلي، بالإضافة إلى “الإجراءات الاستفزازية” التي تتخذها حكومة نتنياهو ضد حزب الله.
حرب إقليمية في المنطقة
وفي هذا السياق، أكد اللواء الدكتور سمير فرج، المفكر والخبير الاستراتيجي والعسكري، أن إيران لن تدخل في صراع مع إسرائيل، وبالتالي لن تتم حرب إقليمية في المنطقة.
وأضاف «فرج»، أن ايران لن تدخل في الحرب الإقليمية مع إسرائيل حتى لا ترد إسرائيل وتدمر المفاعلات النووية التي تعمل عليها في الفترة الحالية، لافتا إلى أنها على وشك إنتاج القنبلة النووية العام القادم.
وتابع أن حزب الله يحتاج إلى وقت لإعادة ترتيب أوراقه بعد فقد قادته.
وعن تصريح نتنياهو بتغييره للشرق الأوسط بأكمله علق قائلا: «الأمور لن يحدث فيها أي تغيير في المنطقة إلا بعد الانتخابات الأمريكية».
وأكد المفكر والخبير الاستراتيجي والعسكري، أن وصول دونالد ترامب للسلطة كارثة كبرى، على حسب وصفه؛ لأنه يرى حل القضية الفلسطينية من خلال دولة واحدة، أما في حال وصول كامالا ديفي هاريس سوف تهدأ الأمور، وسيحدث توقيع اتفاقية سلام.
مشكلة تواجه أمن إسرائيل
ومن جانبه، قال الدكتور محمد صادق إسماعيل، أستاذ العلوم السياسية، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاقتصادية، إن سلسلة التفجيرات التي حدثت في حيفا الأيام القليلة الماضية تمثل بُعدا خطيرا جدا بين إسرائيل وحزب الله أو ما يطلق عليه شمال إسرائيل.
وأضاف «صادق»، أنه عند استعراض البيانات الحقيقية سنجد أن الاحتلال الإسرائيلي هو أول من ساعد في الوصول لهذه المرحلة من خلال الاستهدافات المستمرة، واغتيال بعض القادة، بالإضافة إلى الاختراقات التقنية الحديثة.
وتابع أن حزب الله يمتلك آلية كبيرة للرد بمعنى أن التقديرات تشير إلى أنها قادرة على الوصول إلى «تل أبيب» برا ووجوا، مما يؤكد على أن إسرائيل تواجه مشكلة كبيرة للغاية.
وأكد أن هناك مشكلة تواجه أمن إسرائيل في الشمال، حيث إن أكثر من مليون إسرائيلي نزحوا من الشمال نتيجة إطلاق صواريخ مستمرة من حزب الله، إضافة إلى أن القبة الحديدية التي دشنتها إسرائيل مهددة بالدمار.
وأشار إلى أن هناك توقعات باستمرار الوتيرة بين الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله بإطلاق صواريخ والرد عليها بصواريخ أخرى، مضيفا أن اتساع الحرب بينهما أمر مستبعد قليلا وليس نهائيا.
وتابع أن هناك إمدادات لوجيستية إقليمية تصل إلى حزب الله، بالإضافة إلى أنه له الكثير من الداعمين.
وأكد أن الاحتلال الإسرائيلي إذا فتحت حرب الشمال ستخلخل أمنها في أكثر من اتجاه في قطاع غزة المنسي حاليًا، إضافة إلى الضغط الكبير من المعارضة وأهالي الأسرى على الحكومة الإسرائيلية وخاصة بنيامين نتنياهو باستعادة المحتجزين من قبل حركة حماس والمطالبة برحيل هذه الحكومة، والضغط الدولي الذي يطالب إسرائيل بعدم التوسع في الجنوب اللبناني.
وأوضح أنه يستبعد وتيرة الحرب الإقليمية لأن إيران تعمل على تهدئة الوضع حتى تنتهي من برنامجها النووي تماما، والولايات المتحدة الأمريكية تريد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية ولا تنشغل بقضايا أخرى، مشيرا إلى أن إسرائيل نفسها لا تريد إطالة أمد الحرب، والرغبة في وصول دونالد ترامب المرشح لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية والرئيس الأسبق للحكم الذي يعطي إسرائيل دفعة للأمام.
وتابع مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاقتصادية، أنه في حالة فرض الحرب الإقليمية بين إيران وإسرائيل ستكون حرب موسعة تؤثر على الإقليم بأكمله، وبالتالي التصعيد المرشح في الفترة المقبلة بين إسرائيل وحزب الله كنوع من أنواع الحرب المفتوحة لكن على نطاق ضيق، مؤكدا أن حزب الله اللبناني يستمد قوته وأسلحته والأيدولوجية الفكرية من إيران.