ثغرة تسمح لمصر بإعادة امتلاك منجم السكرى بالكامل
أثار إعلان شركة أنجلو جولد أشانتي استحواذها على شركة سنتامين، المشغلة لمنجم السكري، بقيمة حوالي 2.5 مليار دولار، حالة من الجدل حول الصفقة وحصة مصر في العائدات وأثر ذلك على الاقتصاد المحلى.
ويأتي ذلك في الوقت نفسه الذي ترتفع فيه أسعار الذهب عالميًا، حيث تسعى الشركة لتعزيز وجودها في مصر بعد بيع أصولها في جنوب إفريقيا.
وبموجب الصفقة، سيحصل مساهمو سنتامين على 16.4% من رأس مال الشركة الجديدة، بينما ستمتلك أنجلو جولد 83.6%.
وتسعى أنجلو جولد من خلال استحواذها على منجم السكري إلى تحسين الإنتاج الذي يبلغ نحو 450 ألف أوقية سنويًا، مع خطط للتوسع في عمليات التنقيب وتطوير مناطق جديدة ضمن الامتياز المحيط بالمنجم.
وأنجلو جولد أشانتي تُعد واحدة من أكبر شركات إنتاج الذهب في العالم، ومقرها في جنوب إفريقيا، تأسست عام 2004 بعد دمج شركتي أنجلو جولد وأشانتي جولد فيلدز، وتدير حاليًا أصولًا كبيرة في مجال التنقيب عن الذهب في إفريقيا، أستراليا، الأمريكتين، والآن مصر بعد استحواذها على شركة سنتامين.
منجم السكري
ويعد منجم السكري أكبر منجم للذهب في مصر وأحد أكبر المناجم المنتجة عالميًا، فمنذ بدء إنتاجه الفعلي في عام 2009، أصبح المنجم مصدرًا مهمًا للعائدات الاقتصادية، حيث يساهم في تعزيز الدخل القومي وتوفير العملات الأجنبية.
ويقع منجم السكري في الصحراء الشرقية، على بعد نحو 30 كيلو مترًا من مدينة مرسى علم، ويعود تاريخه إلى العصور المصرية القديمة، وأعيد تشغيله في عام 1994 بعد اتفاقية بين الهيئة المصرية والشركة الفرعونية لمناجم الذهب، ويُعد أحد الأعمدة الرئيسية لقطاع التعدين المصري.
ويمتد عمر إنتاج منجم السكري إلى 28 عامًا، وهو ضعف متوسط أعمار المناجم في إفريقيا، مما يجعله من بين أكبر 25 منجمًا في العالم، ويعمل في المنجم نحو 4500 شخص، إضافة إلى 1000 مورد و50 شركة مقاولات، مما يعزز دوره في دعم الاقتصاد المصري.
وحول ما تردد عن بيع منجم السكري، أكد حمدي عبد العزيز، المتحدث باسم وزارة البترول والثروة المعدنية، أنه لا صحة لبيع المنجم، قائلًا: «فهو فخر كبير لمصر، وقائم على سواعد أبنائنا، حيث يعمل به عدد كبير من المهندسين والعمال المصريين، ويتواجد في منطقة نائية لها استثماراتها الخاصة».
وأوضح، أن صفقة أنجلو جولد وسنتامين ليس لها أي تأثير على حقوق مصر في منجم السكري وإيراداته، حيث تظل أحكام اتفاقية الالتزام هي السارية بجميع بنودها بين الأطراف المساهمين، لأن الاتفاقية الأصلية بين هيئة الثروة المعدنية والشركة الفرعونية لمناجم الذهب المملوكة لشركة سنتامين.
وأضاف متحدث البترول، أن شركة السكري هي شركة مشتركة بنسبة 50% لهيئة الثروة المعدنية و50% للشركة الفرعونيّة لمناجم الذهب، الأمر الذي لا يترتب عليه بأن لهذا الاستحواذ أي تأثير على الشركة القائمة بالعمليات.
وذكر أن وجود شركة أنجلو أشانتي في مصر يعد بمثابة شهادة عالمية على ثقة الشركات العالمية في مناخ الاستثمار بمصر، ودليل قاطع على نجاح سياسة الدولة في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وتابع متحدث البترول: «نتوقع زيادة إنتاجية منجم السكري بعد دخول أنجلو جولد أشانتي محل سنتامين، وسيتم ضخ استثمارات كبيرة بالمنجم خلال الفترة المقبلة، كما سيتم طرح مزايدات جديدة لاستخراج الذهب أمام الشركات العالمية».
إمكانية بطلان صفقة التنازل
وفي المقابل، قال الدكتور السيد الصيفى، أستاذ التمويل والاستثمار في كلية الأعمال بجامعة الإسكندرية، إن صفقة التنازل عن منجم السكري التي تمت بين شركة سنتامين وشركة أنجلو جولد أشانتي يمكن بطلانها، لافتًا إلى أنه من حق مصر أن ترفضها وتفسخ العقد وتستطيع استعادة منجم السكري بالكامل.
وأضاف «الصيفي»، أن البداية عندما وقعت هيئة الثروة المعدنية المصرية اتفاقية مع الشركة الفرعونية لمناجم الذهب التابعة لـ«سنتامين»، عام 1994 وتم الإعلان عن الكشف التجاري، وتأسيس شركة لتنفيذ العمليات تحت اسم السكري لمناجم الذهب، وبدأت الإنتاج عام 2009 ككيان مشترك بين سنتامين والهيئة.
وتابع: «الاتفاق مصر تحصل على 3% من إجمالي الإيرادات تمثل إتاوة وتحصل على 50% من صافي الأرباح إلا أن الحصول على الأرباح مشروط بأن شركة سنتامين تكون استردت كل ما أنفقته من تكاليف تأسيسية علما بأن شركة سنتامين استردت كل ما أنفقته من نفقات تأسيسية منذ عام 2016 ومن بعد ذلك التاريخ هي تحقق أرباح».
وواصل: «لذلك مصر لم تحصل على حصتها من الأرباح إلا في عام 2016 والغريب أننا نحصل على 50% من صافي الربح ويقصد بصافي الربح إجمالي الإيرادات مخصوما منه إجمالي المصروفات يعني شركة سنتامين ممكن تبالغ في قيمة المصروفات والمرتبات والأجور بما يؤدي إلى اختفاء الأرباح بل ومن الممكن أن تتحول إلى خسائر وبالتالي لا تحصل مصر على أي أرباح كان من الأفضل أن تكون نسبة من إجمالي الإيراد مثل الإتاوة ».
وواصل: «مصر ممثلة في هيئة الثروة المعدنية أعطت حق امتياز التنقيب عن الذهب إلى الشركة سنتامين، ولا يحق التنازل عن الامتياز لأي شركة أخرى خاصة أن شركة سنتامين استردت كل ما أنفقته قبل توزيع أي أرباح».
واستكمل: «ويجوز لمصر أن ترفض التنازل الذي تقدمت به شركة سنتامين المالكة للشركة الفرعونية لصالح شركة أنجلو جولد وذلك وفقا للفقرة (أ) من المادة رقم 21 من القانون 222 لسنة 1994، والتي تنص على أنه لا يجوز للهيئة أو الفرعونية التنازل لشخص أو لمنشأة أو لشركة ليست طرفًا في هذه الاتفاقية أو بعض حقوقه أو امتيازاته أو واجباته والتزاماته المقررة بموجب هذه الاتفاقية دون موافقة كتابية من الحكومة».
وأوضح أستاذ التمويل والاستثمار في كلية الأعمال بجامعة الاسكندرية، أنه بالتالي يحق لمصر فسخ العقد «إذا لم تكن الحكومة وافقت كتابيا»، وفقا لنص المادة رقم 23 الفقرة (2) والتي تنص على أنه إذا تنازلت الفرعونية عن أي من مصالحها الناشئة عن هذه الاتفاقية لطرف آخر ليس له علاقة بالاتفاقية بطريقة مخالفة للأحكام الواردة في المادة الحادية والعشرين في هذه الاتفاقية.
الحكومة لن ترفض الصفقة
وحول إمكانية رفض مصر الصفقة، قال الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، إن الحكومة لن ترفض صفقة استحواذ أنجلو جولد على حصة سنتامين بمنجم السكري.
وأضاف أن نقل حصة شريك الأجنبي لمصر (سنتامين)، إلى شركة أخرى كبرى (أنجلو جولد) أمر إيجابي، لعدة أسباب أبرزها سعي الشركة الجديد إلى تعويض ما تم دفعه عن طريق تسريع الاستكشاف والاستخراج ما سيساهم في زيادة حصة مصر من الاستخراج وهو ما يرفع الربح للطرفين وضخ استثمارات بشكل أكبر.
وأشار «جاب الله»، إلى أن شركة «أنجلو جولد» هي شركة إفريقية أكبر من سنتامين، لافتًا إلى أنه لا يوجد مجال للقلق بشأن الشركة الجديدة فهي ليست تبع كيان يمس الأمن القومي ولكن شركة توسع استثماراتها اختارت مصر.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن من حق شركة سنتامين بيع حصتها للمستثمر الذي يقدم أعلى سعر وفقًا لمصلحتها، متابعًا: «وأنا كدولة من مصلحتي أظهر للمستثمرين في الخارج أننا لا نقف أمام مكاسب الشركاء».